لم يتضح بعد إذا كانت السلطات المصرية قد أعفت، رسمياً، الصادرات اللبنانية من الزيادة التي أقرّتها على الرسوم الجمركية المسماة رسوم التنمية، أو صدر قرار «سرّي» بإعفاء لبنان، ولا سيما أن المصدّرين اللبنانيّين يشيرون إلى أن كمية محدّدة فقط من المنتجات اللبنانية أُخضعت لهذا الرسم. الثابت والأكيد أن القرار الذي تبلّغه لبنان عبر وزارة الخارجية، بزيادة الرسوم هو حقيقي وفعلي، وهو يضرّ بموسم التفاح، لكن المسؤولين في لبنان يتحدثون عن «علاقات جيدة بين البلدين».
(مروان بو حيدر)

«قامت قيامة المزارعين بعدما سمعوا عن تعطّل العلاقات التجارية مع مصر، ولا سيّما مزارعي التفاح»، هكذا علّق المدير العام لوزارة الاقتصاد والتجارة محمد أبو حيدر، ورئيس نقابة مستوردي ومصدري الخضر والفواكه في لبنان نعيم خليل، على التقرير الذي نشرته «الأخبار» الأربعاء الماضي بعنوان: «حظر استيراد ورفع رسوم جمركية في مصر: التفاح اللّبناني «أكَلها». فما حصل هو أن المسؤولين أجبروا على التحرّك قبل حلول «المصيبة» وخسارة تصريف إنتاج التفاح. وقد تحدّث وزير الزراعة، عباس الحاج حسن، عن المخاوف التي أثارها القرار المصري لجهة حظر الاستيراد ورفع الرسوم الجمركية على الواردات، مشيراً إلى أن «مصر لم تتجاوز اتفاقية التبادل التّجاري بين البلدين عام 1998، واتفاقية تيسير وتنمية العلاقات التجارية بين الدول العربية، بل تحترم الروزنامة الزراعية». وقال إن قرار رئيس مصلحة الجمارك المصري، الشحات الغتوري، نفى وجود قرار بحظر استيراد 23 سلعة، من ضمنها الفواكه، لافتاً إلى أن الشحنات اللبنانية إلى مصر لم تتوقف، «بل يجري التبادل التجاري استيراداً وتصديراً بسلاسة مطلقة». ويتحدّث الحاج حسن عن تحضيرات لتعزيز التعاون بين البلدين في إطار الاستزراع السمكي، أي تنمية الأسماك وتربيتها بحراً ونهراً، بالإضافة إلى التلقيح الصناعي للأبقار انطلاقاً من تجربة مصر النموذجية»، ويقصد وراء قول ذلك أنّ «العلاقات التجارية بين البلدين جيّدة جداً ولم يهزّها شيء».
قبل عشرة أيّام، فُرضت على حاويتين لبنانيّتين تحملان دراقاً وخوخاً رسوم جمركية على المعابر المصرية


وعن قرار المجلس النيابي المصري القاضي برفع الرسوم الجمركية على السلع المستوردة، يؤكّد الحاج حسن أنّ القرار لم يُطبّق على الواردات اللبنانية بعد، إلا أنه لم يذكر صراحة أن لبنان معفى أو مستثنى من هذه الرسوم، مكتفياً بالقول: «هناك إيجابية في مقاربة الموضوع مع الجانب المصري بعد التواصل مع وزيرَي الزراعة والمالية المصريين، ودعم كل من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي هذا الملف». ويتحدث أبو حيدر في هذا الإطار عن «توجّه لإعادة النظر في الرسوم الجمركية على السلع المستوردة من لبنان. الموضوع قيد النقاش ويجري التفاوض عبر الملحق التجاري في السفارة اللبنانية في مصر، وقد أبدى الجانب المصري تفهماً بالحل».
ويقول نعيم خليل: «وصل 120 مستوعباً من المنتجات الزراعية اللبنانية إلى مصر، ودخلت بلا تسديد رسوم جمركية بالتزامن مع إصدار القرارات المصرية». لكنه يشير إلى أن موسم التفاح لا يبدأ قبل منتصف شهرَي آب وأيلول، علماً بأنه جرى تصدير ما بين 30 حاوية و40 حاوية من التفاح التمّوزي إلى مصر برّاً وبحراً، وهو تفاح نادر ينمو بشكل أساسي في البقاع، في النبي عثمان والفاكهة واللبوة». رغم ذلك، فإنه قبل عشرة أيّام «فُرضت على حاويتين لبنانيتين تحملان فواكه صيفية من دراق وخوخ رسوماً جمركية على المعابر المصرية، خلافاً لما نصّت عليه الاتفاقيات التجارية بين البلدين. فثارت حفيظة المزارعين، وكان التفاح أكثر ما صرخنا من أجله، حتى تدخّل الرئيسان ميقاتي وبري والوزير الحاج حسن، فألغيت الرسوم عملياً»، كما يروي خليل.
إذاً، هل هناك رسوم جمركية على الصادرات اللبنانية إلى مصر من دون أن يصدر قرار مصري رسميّ بذلك؟ في الواقع، يتجنّب المسؤولون في لبنان الحديث عن استثناء لبنان من هذه الرسوم، وهو ما يثير علامات استفهام حول سرية هذه المفاوضات بين الجانبين، إلا أن مصادر وزارة الزراعة تعزو ذلك إلى تجنّب مصر الكشف عن إعفاء لبنان من الرسوم على السلع المستوردة «تفادياً للإحراج مع دول أخرى تصدّر منتجاتها إليها، ولا سيما الدول الأوروبية، وحتى لا تفتح فتوحات على نفسها».