معركة كسر عظم تنتظر نقابة المحامين في 19 تشرين الثاني المقبل لانتخاب خلف للنقيب الحالي ناضر كسبار، الذي تنتهي ولايته، و5 أعضاء في مجلس النقابة بعدما قدّم اثنان منهم (وجيه مسعد وفادي المصري) استقالتهما لخوْض معركة النقيب.الحماوة الانتخابيّة تبدو واضحة من «الشهيّة المفتوحة» على الترشيح، إذ وصل عدد المرشّحين إلى منصب النقيب إلى نحو 11 الأسبوع الماضي، يصنّفون جميعاً من «الصقور»، وهم: عبدو لحود، اسكندر الياس، ألكسندر نجّار، فادي المصري، فادي حداد، وجيه مسعد، فريد الخوري، أديب زخور، يوسف الخطيب، سميح بشراوي وإبراهيم مسلم. أمّا المرشحون للعضوية فهم: إيلي اقليموس (يحظى بدعمٍ من النقباء السابقين وخصوصاً والده النقيب السابق أنطوان اقليموس)، لبيب حرفوش (يحظى بدعمٍ من الكتائب والقوات)، شوقي شريم (مرشّح حركة أمل) ووسام عيد (شيعي مستقل على علاقة بكثير من القوى الحزبية والمستقلة). ويتوقع أن يرتفع عدد المرشّحين قبل إقفال باب الترشيحات في أيلول المقبل، على أن يُشارك في العملية الانتخابيّة نحو 6500 ناخب، معظمهم من ناخبي الأحزاب الذين سدّدوا اشتراكاتهم.
وحده ترشيح الخطيب كسر الأعراف الطائفيّة باعتباره مسلماً يترشّح إلى «منصبٍ مسيحي». وهو ما ترك ارتياحاً لدى العديد من المحامين الذين يعتبرون أنّ «دور النقابة ليس خاصاً بالمحامين، وإنما لها دور وطني بعدما تم إخضاع النقابة على مر العهود السابقة للسلطة التي منعتها من المواجهة الوطنية، وخصوصاً أنّ المسؤولين فيها يتعاطون بطريقة دونية مع السلطة القضائية وحوّلوها إلى نقابة علاقات عامّة مع القضاة والضبّاط ورجال الأعمال». إلا أن هناك شبه إجماع على اعتبار هذا الترشيح بمثابة «تسجيل موقف اعتراضي» لن يوصل إلى النتيجة المرجوّة، «بسبب الأهواء الطائفيّة والمذهبيّة التي تتغلغل في عقول غالبيّة المحامين الذين يرفضون كسر العرف الطائفي»، اضف إلى ذلك أنّ «الأحزاب الإسلاميّة نفسها لن تدعم ترشيح الخطيب حفاظاً على العرف الطائفي»، وهو ما يتكرّر على ألسنة مسؤولي تيار المستقبل وحزب الله وحركة أمل الذين يؤكّدون عدم رغبتهم في تشكيل «حلف إسلامي - إسلامي» في وجه الأحزاب المسيحيّة.
وإذا كان الخطيب الذي خاض معركة «كم الأفواه» بعد قرار مجلس النقابة الحالي منع المحامين من الظهور الإعلامي، واضحاً في انتمائه بعد تجربة نقابية طويلة، كان آخرها في لجنة صندوق التقاعد، يحاول المرشحون الآخرون إخفاء «الدعم السياسي» الذين يحظون به، فيما تؤكد مصادر متابعة أنّ «الأحزاب بدأت بفتّ المال والخدمات من حساب النقابة لدعم مرشحيها الذين ينكرون انتماءاتهم».
مع ذلك، يؤكّد المُتابعون أنّ من المُبكر الحديث عن تحالفاتٍ سياسيّة قبل إقفال باب الترشيحات، وخصوصاً أنّ بعض الأحزاب تدعم أكثر من مرشّح. فلحزب الكتائب، مثلاً، مرشحان أحدهما «رسمي» هو فادي المصري وآخر «مستتر» هو ألكسندر نجّار، رغم أن الأخير ينفي أن يكون مرشح الكتائب، ويؤكد أنّه «مستقل أحظى بدعمٍ من كل الطوائف والقوى السياسية ومن بينها مجموعة من الكتائب تدعم ترشيحي بعدما أظهرتُ خلال فترة عضويتي في مجلس النقابة استقلالية واعتدالاً في أدائي». ويضيف: «منصب النقيب هو مركز مهني لخدمة المحامين وليس مركزاً سياسياً يخصع للاصطفافات السياسيّة».
مرشحان للكتائب و3 محسوبون على التيار ومقرّب من ستريدا يحظى بدعم القوات


مهما يكن أمر، فإنّ الترشيحين فجّرا خلافات داخل الكتائب وصلت الى حد تقديم أحد المحامين استقالته من الحزب من دون أن تُقبل. ويعود ذلك إلى إصرار النائب نديم الجميّل على ترشيح المصري بدفعٍ واضح من رئيس مجلس إدارة «سوسيتيه جنرال» أنطون الصحناوي، وهو ما أثار اعتراض عدد من القياديين الكتائبيين، على رأسهم النائب الأول لرئيس الحزب نقيب المحامين السابق جورج جريج الذي يميل إلى ترشيح مستقل يميل إلى الكتائب، وهو ما ينطبق على نجّار الذي يُعدّ من الدائرة اللصيقة بجريج. وبحسب المعلومات، فإنّ رئيس الحزب النائب سامي الجميّل ووالده الرئيس السابق أمين الجميل يميلان أيضاً إلى دعم نجّار كمستقل يدور في فلكهما، إلا أنهما يحاولان تجنب زيادة الشرذمة في صفوف «حزب الصيفي» وإغضاب ابن بشير، ولذلك «يعضّان على الجرح»، وخصوصاً أنّ الإبقاء على الترشيحين يعني أن يأكل المصري ونجّار من «الصحن الكتائبي»، ما يصعب عليهما الانتقال إلى المرحلة الثانية من الانتخابات لاختيار النقيب، علماً أن كتائبيين ينفون وجود انقسام، ويؤكدون أن المصري هو المرشح الوحيد للحزب ولا دخل لنديم الجميّل بتسميته، إذ إنّ ترشيحه أتى بعد مؤتمر المحامين الكتائبيين، مشددين على أنّ هناك «التزاماً عاماً من جميع المنتمين إلى الحزب، وعلى رأسهم جريج بالتصويت للمصري».
حال الكتائب من حال التيار الوطني الحر الذي رشّح فادي الحداد، فيما يحظى المرشحان المستقلان اسكندر الياس وإبراهيم مسلّم بكتلة ناخبة من جو «التيّار»، ما يعرّض ترشيح الحداد للخطر، رغم تأكيد مسلّم «أنني مستقل وغير محسوب على أي طرف حزبي»، وأنّ «خبرتي النقابية في العمل على استرجاع أموال المحامين وتأمين التغطية الاستشفائية لهم هي أهم إنجاز لي، ومنها سيكون مشروع الانتخابي».
حزب القوات اللبنانية، من جهته، حسم خياره بدعم عبدو لحود المقرّب من النائبة ستريدا جعجع لكوْنه وكيل الدفاع عن بلديّة بشري، علماً أن لحود يشدد، هو الآخر، على انّه «مستقل ويحظى بدعمٍ من القوات التي تبحث عن ترشيح شخصيّة تحمل الكفاءة وتجربة العمل النقابي الطويل وكونه على مسافة واحدة من الجميع»، لافتاً إلى «أنني أطلقتُ حملتي الانتخابية من مقر النقابة في النبطية تأكيداً على الوحدة الوطنية، وخصوصاً أن ترشيحي هو تتويج لعملي المهني».
وفي معركة العضويّة، رشحت حركة أمل شوقي شريم، فيما لا مرشح للحزب التقدمي الاشتراكي الذي ترك الحسم حتى اللحظة الأخيرة لتشكيل تحالف يخدم وصول أحد مناصريه إلى عضوية مجلس النقابة، والأمر نفسه ينطبق على تيار المستقبل الذي لم يفرغ بعد ما في جعبته، وإن كانت مصادره تلمّح إلى إمكانيّة أن يصب ناخبوه لمصلحة لحود، من دون أن يخوض معركة العضوية باعتبارها خاسرة على الأرجح.
ولا يستبعد متابعون أن يؤثر الواقع السياسي على التحالفات الانتخابية كما في الانتخابات الماضية، فيخوض الثنائي الشيعي وتيار المستقبل والاشتراكي معركة العضوية معاً، على أن تُترك التحالفات في المرحلة الثانية، أي انتخاب النقيب، إلى ربع الساعة الأخير.