فعلها الرئيس نبيه بري بانتزاع التزام نهائي من حركة «فتح» بوقف إطلاق النار في مخيم عين الحلوة. الخطوة التي جاءت بعد محاولات عدة، سياسية وأمنية، فشلت في لجمها منذ نهاية تموز الماضي، أتاحت الكشف عن حجم المأساة التي أصابت المخيم وسكانه جراء جولة لم تحقق لأنصار سلطة رام الله أي نتيجة جدية. فما لم تقبله «فتح» في جولة القتال الأولى بوجه مجموعات إسلامية، قبلت به بعد خراب المخيم وسقوط العشرات من مقاتليها.السادسة مساء، خفتت أصوات الأسلحة الرشاشة والصاروخية عقب دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ. وساد المخيم هدوء حذر، لم تُعكِّرهُ سوى خروقات معدودة وبوتيرة متقطعة.


التزام «فتح» بوقف إطلاق النار أعلنه المشرف على الساحة اللبنانية في الحركة عزام الأحمد من عين التينة أمس. لكن الأحمد تحدث عن «مؤامرة تعرّضت لها الحركة والشعب والقضية الفلسطينية»، وصوّب اتهاماته في كل الاتجاهات، محلياً وعربياً ودولياً، معتبراً جريدة «الأخبار» «جزءاً من المؤامرة»(!)، داعياً إلى «كفّ أصوات النشاز لهذه الصحيفة أو تلك أو هذه الشاشة أو تلك التي تروّج أن عزام الأحمد اصطدم مع قائد الجيش. هذه كذبة نعرف من كذبها. هؤلاء جزء من المؤامرة وأعني ما أقول، و99 في المئة ممّا ينشر عندهم لا علاقة له بالحقيقة، بل له علاقة بما يفكر به المتآمرون على الشعبين الفلسطيني واللبناني».

ما الذي استجدّ حتى نزلت «فتح» عن الشجرة؟
بحسب معطيات «الأخبار»، وافق بري أخيراً على استقبال الأحمد ومرافقيه بعدما كان قد أبدى عبر موفدين له «امتعاضه من الكذب والخداع الذي مورس مع المرجعيات السياسية والأمنية التي دخلت على خط المفاوضات لوقف إطلاق النار»، وأكد أنه مستعد لاستقبالهم «فقط بعد حسم أمرهم بوقف القتال». وفي هذا السياق، أدرج موعد اجتماع بري مع وفد «حماس» قبل موعد وفد «فتح». وحصل رئيس المجلس على تعهّد من المسؤول في حماس موسى أبو مرزوق «بإلزام المجموعات الإسلامية بوقف إطلاق النار ومراقبة تثبيته وتسهيل تشكيل القوة الأمنية المشتركة ومعالجة ملفات المطلوبين». نضجت «طبخة» عين التينة لتقديمها للأحمد والسفير الفلسطيني أشرف دبور. وبعد اللقاء، تحدث الأحمد بخطاب هادئ مختلف عن التصعيد الذي شنّه من على منبر السرايا الحكومية بعد اجتماعه مع الرئيس نجيب ميقاتي وقادة الأجهزة الثلاثاء الماضي، وأعلن «أننا أبلغنا الرئيس بري أننا مستعدون على الفور للتهدئة ووقف إطلاق النار مع هؤلاء الخارجين عن القانون، وأن نتحمل في سبيل أمن واستقرار المخيم والجوار اللبناني في صيدا والغازية. لكن من حقنا أيضاً أن نتصدّى لهم حتى لا ينجحوا في تنفيذ مخططهم».
رفض برّي استقبال وفد «فتح» قبل حسم أمرهم بوقف القتال


وكان الأحمد قد استدعى قيادة «فتح» السياسية والعسكرية ليل الأربعاء الى السفارة الفلسطينية. وبحسب مصدر مطّلع، فقد «نهرهم بقسوة، محمّلاً إياهم مسؤولية عدم تحقيق إنجاز بوجه الإسلاميين وإحراج قيادة رام الله». وبرر ضباط الفشل بفقدان الإدارة العسكرية للميدان بعد اغتيال قائد قوات الأمن الوطني الفلسطيني العميد أبو أشرف العرموشي، ما أدى إلى قصف عشوائي طال حتى منزل أمين سر الحركة في صيدا العميد ماهر شبايطة في حيّ حطين.