«قتلت زوجها بالسّم وحرقت الجثة بالأسيد»، خبر جرى تداوله عبر العديد من الوسائل الإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي بعد جريمة قتل فادي العاليه. ومع الاعتقاد السائد بإمكانية «إذابة» الجثة في غضون دقائق عن طريق غمرها بالأسيد، من الضروري الإشارة إلى أن هذه المحاولة لإخفاء الجريمة وتدمير الأدلة تُعدّ خطيرة وغير فعّالة. ففي حين أنه يمكن للحمض، في ظروف معيّنة، أن يذيب اللحم، إلّا أنه غير قادر على إذابة العظام أو الأسنان. وقد تكون الأنسجة الأخرى، مثل الشعر والأظافر، في بعض الأحيان، مقاومة للأسيد.
كما أن احتواء الجسم على كمية كبيرة من الماء، يخفّف تركيز الحمض ويجعله أقلّ فعالية. ويعتمد مقدار الوقت الذي يستغرقه الحمض في إذابة اللحم على عوامل عدة، بما في ذلك نوع وتركيز ودرجة حرارة الحمض المستخدم، وحجم الجسم ووزنه.
على سبيل المثال، القاتل المتسلسل جيفري دامر، قتل 17 رجلاً وصبيًا بين عامي 1978 و1991 وكان معروفًا بأساليبه الإجرامية، التي تضمّنت تقطيع أوصال الجثث ومحاولة تذويبها بالأسيد، الذي كان فعّالًا لجهة تدمير الحمض النووي (DNA) والأدلة الأخرى التي يمكن استخدامها للتعرف على الضحايا. لكن الحمض المُستخدم لم ينجح في إذابة عظام وأسنان ضحاياه، إذ تمكّن المحققون من إيجادها في شقة دامر وكانت دليلًا أساسيًا لربطه بجرائم القتل.
من جهة أخرى، فإنه حتى لو أذاب الحمض الجثة جزئيًا، سيترك مع بقايا الجثة أثرًا من الأدلة التي يمكن للخبراء الجنائيين استخدامها للتعرف على الضحية، وأيضًا لتحديد المكان الذي أُذيبت فيه الجثة. قد تساعد المعلومات المستخلصة من هذه العناصر على ربط المشتبه فيه بمسرح الجريمة. علماً أن التحقيق الجنائي العلمي للجثث المذابة بالأحماض هو عملية معقدة وصعبة، إلّا أنه يعدّ أداة قيّمة للمحققين لحلّ الجرائم والتعرّف على الضحية ومنع الإفلات من العقاب.
تشمل بعض أنواع الأدلة الأثر، التي يمكن العثور عليها في الجثث المذابة بالأحماض، الأجزاء المتبقية من الحمض النووي والبروتينات والمعادن الموجودة في العظام والأسنان كالكالسيوم والفوسفور. قد يكون هناك، إلى جانب هذه العناصر المادية، دليل كيميائي يفرزه الجسم أثناء ذوبانه في الحمض. على سبيل المثال، يمكن أن يشير وجود مواد كيميائية معيّنة في التربة أو الماء إلى أن الجسم قد أُذيب في الأسيد. كذلك، قد ينبعث من الجثث المذابة بالأحماض غازات يمكن للمحققين اكتشافها باستخدام معدّات متخصّصة. ويعتمد الوقت الذي تبقى فيه هذه العناصر والغازات في البيئة على عوامل عدة، بما في ذلك درجة حرارة البيئة، ونوع التربة إضافة إلى نوع الحمض المستخدم وتركيزه، وغيرها.


4
غازات على الأقل تنبعث من الجثة التي تُذوّب بالأسيد. وقد تطلق غازات أخرى بناء على التفاعلات الكيميائية المحددة التي تحدث. يمكن لهذه الغازات أن تكون خطيرة، فبعضها قابل للاشتعال والانفجار، والبعض الآخر سام وقد يسبب مشاكل صحية خطيرة إذا استُنشق.