الفوسفور الأبيض هو مادة كيميائية منتشرة في قذائف المدفعية والقنابل والصواريخ، تشتعل عند تعرضها للأكسجين. ينتج عن التفاعل الكيميائي حرارة شديدة تصل إلى 815 درجة مئوية، وضوءاً ودخاناً كثيفاً يستخدم لأغراض عسكرية، ولكنه يسبب أيضاً إصابات بالغة عندما يتلامس مع جسم الإنسان. ولا يعدّ سلاحاً كيميائياً لأنه يعمل بشكل أساسي بالحرارة واللهب وليس بخصائصه السمّية. يمكن توصيل الفوسفور الأبيض عبر قطع من اللباد المنقوعة بالفوسفور وتنبعث منها رائحة «الثوم» البارزة.
كيف يستخدم الفوسفور الأبيض؟
يستخدم الفوسفور الأبيض عادة للتعتيم على العمليات العسكرية في ميدان المعركة. إذ ينتج عنه ستارة من الدخان ليلاً أو أثناء النهار لإخفاء الحركة البصرية للقوات العسكرية. كما أنه يتداخل مع بصريات الأشعة تحت الحمراء وأنظمة تتبع الأسلحة، وبالتالي يحمي القوات العسكرية من الأسلحة الموجهة مثل الصواريخ المضادة للدبابات.

(من الويب)

يغطي الانفجار الجوّي للفوسفور الأبيض مساحة أكبر من الانفجار الأرضي. كما يؤدي إلى نشر الحرائق على مساحة أوسع. وفي المناطق ذات الكثافة السكانية مثل غزّة، يتضاعف الخطر الذي يتعرض له المدنيون.
ويمكن استخدام الفوسفور الأبيض كسلاح حارق. إذ استخدم الجيش الأميركي الفوسفور الأبيض أثناء معركة الفلوجة الثانية في العراق عام 2004.

ما الضرر الذي يسبّبه الفوسفور الأبيض؟
يسبّب الفوسفور الأبيض حروقًا شديدة، غالباً ما تصل إلى العظام، وتكون بطيئة الشفاء ومن المحتمل أن تتطور إلى التهابات. إذا لم تُزال جميع شظايا الفوسفور الأبيض، فيمكن أن تؤدي إلى تفاقم الجروح بعد العلاج وأن تشتعل مجدداً عند تعرضها للأكسجين. غالباً ما تكون حروق الفوسفور الأبيض التي تصيب 10% فقط من جسم الإنسان قاتلة. ويمكن أن يسبّب الفوسفور الأبيض أيضًا تلفاً في الجهاز التنفسي وفشلاً في الأعضاء.
يُلازم غالباً أولئك الذين ينجون من إصاباتهم الأوّلية معاناةً مدى الحياة، إذ تعيق التقلصات -الشدّ الدائم للعضلات والأنسجة الأخرى- الحركة، في حين أن صدمة الهجوم الأوّلي والعلاجات المؤلمة والندوب المتغيّرة المظهر تؤدي إلى ضرر نفسي واستبعاد اجتماعي.
كما يمكن للحرائق الناجمة عن الفوسفور الأبيض أن تدمّر المباني والممتلكات المدنية، وتلحق الضرر بالمحاصيل، وتقتل الماشية. كذلك يؤدي انعدام الموارد الكافية المتاحة لمقدّمي الخدمات الطبية في مناطق النزاع المسلّح إلى تفاقم العملية الصعبة في علاج الحروق الخطيرة.

ما هو وضع الفوسفور الأبيض بموجب القانون الدولي؟
عند استخدامها كسلاح، تعدّ الذخائر التي تحتوي على الفوسفور الأبيض أسلحةً حارقة. رغم أن الأسلحة الحارقة ليست محظورة صراحة بموجب القانون الإنساني الدولي الذي يتطلب، بشكل عرفي، من الدول اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لتجنّب إلحاق الأذى بالمدنيين بسبب تلك الأسلحة.
بالإضافة إلى ذلك، تخضع الأسلحة المحرقة للبروتوكول الثالث لاتفاقية الأسلحة التقليدية التي انضمّت إليه فلسطين ولبنان، في حين لم تصدّق إسرائيل عليه. إذ يحظر هذا البروتوكول استخدام الأسلحة الحارقة الملقاة جوّاً في «تجمّعات المدنيين»، لكنه يتضمّن ثغرتين كبيرتين.
الأولى: يقيّد البروتوكول الثالث بعض، وليس كل، استخدام الأسلحة الحارقة التي تُطلق من الأرض حيث توجد تجمّعات للمدنيين، ما يشمل الضربات المدفعية بالفوسفور الأبيض في غزّة.
والثانية: يغطي تعريف البروتوكول للأسلحة الحارقة الأسلحة «المصمّمة أساساً» لإشعال النيران وحرق الأشخاص، وبالتالي يمكن القول إنه يستبعد الذخائر متعددة الأغراض، مثل تلك التي تحتوي على الفوسفور الأبيض إذا استُخدم كستار من الدخان، حتى لو كانت تسبّب نفس التأثيرات الحارقة.
أوصت منظمة «مراقبة حقوق الإنسان» (Human Rights Watch) والعديد من الدول الأطراف في اتفاقية الأسلحة التقليدية بسدّ هذه الثغرة وتعزيز القيود المفروضة على استخدام الأسلحة الحارقة المطلقة من الأرض.
المصدر: منظمة «مراقبة حقوق الإنسان» (Human Rights Watch).

بروتوكول بشأن حظر أو تقييد استعمال الأسلحة المحرقة
المادة الثانية من البروتوكول الثالث (1980)، في حماية المدنيين والأعيان المدنية:
1. يحظر في جميع الظروف جعل السكان المدنيين بصفتهم هذه، أو المدنيين فرادى، أو الأعيان المدنية، محل هجوم بالأسلحة المحرقة.
2. يحظر في جميع الظروف جعل أي هدف عسكري يقع داخل تجمّع مدنيين هدفاً لهجوم أسلحة محرقة تطلق من الجو.
3. يحظر كذلك جعل أي هدف عسكري يقع داخل تجمّع مدنيين هدفاً لهجوم بأسلحة محرقة غير تلك التي تطلق من الجو، إلا حين يكون الهدف العسكري واضح الانفعال عن تجمّع المدنيين وتكون قد اتخذت جميع الاحتياطات المستطاعة كَيْما تقتصر الآثار المحرقة على الهدف العسكري ويتفادى ويخفّف إلى الحدود الدنيا في أي حال، ما قد ينجم عنها، عرضاً، من وقوع خسائر في أرواح المدنيين أو إصابتهم بجروح أو تلف الأعيان المدنية.
4. يحظر أن تجعل الغابات وغيرها من أنواع الكساء النباتي هدف هجوم بأسلحة محرقة إلا حين تستخدم هذه العناصر الطبيعية لستر أو إخفاء أو تمويه محاربين أو أهداف عسكرية أخرى، أو حين تكون هي ذاتها أهدافاً عسكرية.

(القوس)