من يتحمّل المسؤولية؟
في الشق العام، تقع المسؤولية على كل المسؤولين عن إدارة هذا المرفق العام ممن تقاعسوا في مهامهم وأهملوا، عن قصد أو غير قصد، شؤون المستشفى والعاملين. أما في الخاص، فثمة ممرضون وعاملون يفترض أنهم يتبعون لقسم التمريض الذي يتحمّل المسؤولية الكاملة عما آلت إليه الأمور. غير أن رئيسة القسم و. غلاييني، المسؤولة المباشرة عن شؤون الممرضات والممرضين، «لا تداوم في المستشفى في غالبية الأيام، وغائبة عن كل ما يجري»، وفق عاملين في المستشفى، إذ إنها «منشغلة بإعداد خطة طوارئ للبلد في حال نشوب حرب، بعدما انتُدبت لإدارة غرفة عمليات الطوارئ الصحية» التي أنشئت بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية لمواجهة تداعيات الحرب.
غلاييني الغائبة عن وظيفتها الأساسية كرئيسة قسم التمريض براتبٍ شهري، والتي «تزاحم» المدير العام للمستشفى بالوكالة، جهاد سعادة، على ما تبقّى له من صلاحيات، حاضرة في كل مكان آخر: في وزارة الصحة منتدبةً لإدارة غرفة الطوارئ مقابل راتب ثانٍ تتقاضاه من منظمة الصحة العالمية بـ«الفريش دولار». وهي أيضاً ممن تنتدبهم الوزارة للسفر إلى الخارج (وتقاضي بدلات سفر) للمشاركة في المؤتمرات، فيما الممرضون والممرضات في قسمها يعتصمون كل شهر لقبض رواتبهم التي تُصرف بالليرة.
لكن، لماذا تُنتدب «ممرّضة» لإدارة غرفة الطوارئ، بعدما تخطّت بقرار من الوزير فراس أبيض، كل أصحاب الخبرة في مجال الطوارئ من العاملين في الوزارة؟ ومن أين لها الصلاحية التي تخوّلها اصطحاب زملاء لها يبصمون في المستشفى ويداومون في الوزارة؟ ولماذا إنشاء غرفة للطوارئ فيما كان يمكن الاكتفاء ببرنامج للطوارئ يلحق بإحدى مصالح الوزارة كما جرى أثناء عدوان تموز 2006؟
عدد المصابين والمشتبه بإصابتهم وصل إلى أكثر من 200
لا يجد موظفو الوزارة أجوبة عن هذه الأسئلة وغيرها، ويقول أحدهم: «بتنا نرى كثيرين لا نعرفهم يعملون في الوزارة ويتقاضون رواتب بالدولار من منظمة الصحة العالمية لقاء أعمال يمكن أن يقوم بها الموظفون ببدل أقل بكثير». فضلاً عن «جيش» منظمة الصحة العالمية التي باتت تملك أوسع الصلاحيات في الوزارة، من مكتب الوزير وصولاً إلى المديريات والمصالح و«الكونتوارات»، إضافة إلى البنك الدولي الذي «يملك» مكتباً في الوزارة، وجمعية «عمال» التي دخلت من نافذة كورونا لتدير الـcall center كجمعية لا تبغي الربح وصارت تدفع بدلات بالدولار لبعض الموظفين.
موظفو الوزارة يشعرون بـ«الغربة» في «وزارتهم» أمام العدد الكبير من «الغرباء» الذين غزوها، خصوصاً في «الطبقة الرابعة حيث مكتب الوزير ومكتب موظفي البنك الدولي وحيث غرفة الطوارئ، إذ ليس مسموحاً لنا الصعود إلى تلك الطبقة، فيما الدخول إلى الغرفة التي تديرها غلاييني يستوجب امتلاك كود». وكذلك الأمر إلى «بقية غرف الطبقة الرابعة، والتي وُضع على باب كل منها إنترفون»، وهو ما عاينته «الأخبار».
هكذا تغصّ الوزارة بموظفين «مستعان بهم» للقيام بمهمات من صلب عمل الوزارة، فيما رفض الوزير اقتراحات قُدّمت إليه بالطلب من منظمة الصحة إعطاء مساعدة شهرية بقيمة 100 دولار لكل موظف بدل أن تعطي آلاف الدولارات لعدد محدود من الموظفين أو ممن استُقدموا إلى الوزارة. ولا يجد الموظفون تبريراً سوى «استمالة التمويل وتنفيع المحسوبيات»، كما يحصل مثلاً في غرفة الطوارئ التي تديرها غلاييني ومن أتت بهم وبعض موظفي الوزارة من أصحاب الحظوة لدى الوزير». وهؤلاء يتقاضون رواتب تراوح بين ألف وألفي دولار شهرياً، إضافة إلى 500 دولار للطبيب المدرّب في المستشفيات عن كل يوم تدريب و250 دولاراً للممرضة عن كل زيارة ميدانية! كما أُلحق بها «Hotline ـ call center الذي وُضع له ما لا يقل عن خمسة موظفين يتلقّون اتصالات عن الأدوية ولا علاقة لها بالنزوح أو تداعيات الحرب».