المفارقة أنّ المنظّمات الدولية العاملة في مجال الإغاثة تركّز اهتمامها على الـ3% في مراكز الإيواء، وتعتبر أن من نزح إلى بيت قريبٍ، وهم الغالبية الساحقة، حاله أفضل ممن استقر في المراكز. علماً أنّ معنيين بعمليات الإغاثة يؤكدون أن «مستوى الهشاشة الاقتصادية للعائلات في المراكز وخارجها هي نفسها، وتضاف إلى الأخيرة صعوبة أوضاع غالبية العائلات المستضيفة للنازحين في ظل الضائقة الاقتصادية بشكل عام». ويؤكد مسؤولون عن وحدة إدارة الكوارث في اتحاد بلديات صور أن من لجأوا الى منازل أقارب يعانون نقصاً كبيراً في البطانيات والفرش وحصص النظافة.
المنظّمات والجمعيات المحلية تركّز نشاطها على القاطنين في مراكز الإيواء فقط
عجز الدولة المالي أدّى إلى تراجع تدخّلها على صعيد التقديمات الإنسانية والخدماتية والاجتماعية. فبعد حركة رمزية لوزارة الشؤون الاجتماعية، مع بدء حركة النزوح، زوّدت خلالها مراكز الإيواء وبعض القرى بمساعدات متواضعة، غابت الوزارة تماماً، فيما وزّع مجلس الجنوب الذي مدّته الحكومة بثلاثة ملايين دولار 17 ألف حصة غذائية تكفي لمدة شهر، و4000 حصة من الفرش والبطانيات، وحفاضات أطفال وبعض حصص النظافة.
وفي ظل هزال الأداء الحكومي، ينحصر النشاط غير الحكومي بـ15 منظمة دولية وجمعية محلية، تركّز نشاطها على القاطنين في مراكز الإيواء (لا يتجاوزون 3% من مجمل النازحين). وتتذرّع هذه المنظمات بأنها تعمل بالتمويل المتوافر لديها لمشاريع إنمائية غير مرتبطة بالحرب، بعدما عدّلت في وجهة استعماله، فيما المستغرب عدم تصنيف هذه المنظمات والجهات المانحة للبنان بأنه في حالة حرب، إذ تؤكد مصادر متابعة أنه «لم يدخل ميزانيات تلك المنظمات دولار واحد تحت عنوان الإغاثة».
ولا تكتفي المنظمات بذرائع انعدام التمويل، بل تعمل أيضاً على وضع العصي في طريق إيصال المساعدات، مرة عبر طلب «داتا» أدقّ للنازحين من تلك المسجّلة من خلال البلديات والاتحادات، وأخرى عبر رفض مساعدة عائلات تستفيد من برامج وزارة الشؤون الاجتماعية، كبرنامج الأسر الأكثر فقراً، رغم الجهود التي تُبذل في كل اجتماع مع المنظمات لإقناعها بأنّ معظم النازحين هم من المياومين المنتمين إلى الفئات الأكثر هشاشة.