سعى الرئيس الأميركي جو بايدن المتّهم مع كبار مساعديه أمام محكمة فدرالية أميركية بالضلوع في ارتكاب جريمة إبادة جماعية في غزة، إلى الدفاع عن نفسه بحجّة أنّ المساعدات الأميركية لإسرائيل لا تؤثر على قراراتها. وادّعى بايدن، الذي بات يُعرف في بعض الأوساط الأميركية بـ«جينوسايد جو» (جو الإبادة الجماعية)، أن إسرائيل كانت ستتخذ القرارات نفسها التي اتخذتها في غزة حتى لو امتنعت الولايات المتحدة عن مساعدتها.لكن الرئيس الأميركي السابق رونالد ريغان كان قد دحض هذه الحجة قبل 41 عاماً. فبعد قصف إسرائيلي مركّز ودموي على أحياء في بيروت عام 1982 وسقوط العديد من المدنيين، اتصل ريغان هاتفياً برئيس وزراء العدو يومها مناحيم بيغن، وطالبه بوقف استهداف المدنيين مهدداً بسحب الوسيط الأميركي (فيليب حبيب).
محامو مركز الحقوق الدستورية الذين تقدّموا بالشكوى القضائية نيابة عن فلسطينيين وأميركيين قتل الجيش الإسرائيلي أقاربهم في 14 تشرين الثاني الفائت أمام محكمة أوكلاند، قدموا الأسبوع الفائت إلى القاضي الفيدرالي جيفري وايت مذكرة أشاروا فيها إلى أن حجة بايدن لرفض الشكوى ساقطة. إذ إن موقف سلفه ريغان عام 1982 «أدى يومها إلى فرض وقف إطلاق النار في غضون 30 دقيقة». كما اعترض فريق المحامين على حجة إدارة بايدن بأن المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل هي قرار سياسي لا يمكن الطعن فيه في المحكمة. وذكّر المحامون بأن الدائرة التاسعة من محكمة الاستئناف الأميركية حكمت عام 2004 في قضية متعلّقة بهجمات المستوطنين الإسرائيليين، وأقرّت بأن مسألة ما إذا كان الاعتداء على السكان يُعد إبادة جماعية «هي مسألة قانونية بحتة».
وتسعى الدعوى إلى إصدار أوامر من المحكمة تُلزم مسؤولي الإدارة باتخاذ «كل التدابير التي في حدود سلطتهم» لإنهاء قصف غزة و«وقف عرقلة محاولات المجتمع الدولي لتنفيذ وقف إطلاق النار» الذي استخدمت الولايات المتحدة حق النقض ضده في مجلس الأمن الدولي.

المتهمون بايدن وبلينكن وأوستن
وزارة العدل الأميركية كانت قد قدمت في 8 كانون الأول الجاري مذكرة إلى المحكمة مدّعية أن الدعوى لا أساس لها من الناحية القانونية ويجب رفضها. علماً أن المتهمين في هذه القضية هم بايدن ووزير الخارجية أنتوني بلينكن ووزير الدفاع لويد أوستن. وحدد القاضي يوم 26 كانون الثاني موعداً لجلسة استماع بشأن طلب المدعين إصدار أمر قضائي بحق المتهمين وطلب الحكومة رفض الدعوى.
تؤكد الدعوى القضائية أن تصرفات إسرائيل، والدعم السياسي والمالي الذي تقدمه الولايات المتحدة، يتناسب مع التعريف القانوني للإبادة الجماعية في المعاهدة الدولية، إذ إن السلوك «بقصد التدمير، كلياً أو جزئياً، جماعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية» يشكل جريمة إبادة جماعية. وقد وافق مجلس الشيوخ في الولايات المتحدة على المعاهدة عام 1987، واللافت أن بايدن كان يومها عضواً في مجلس الشيوخ عن ولاية ديلاوير.

مضمون الشكوى
يتضمن ملف الشكوى القضائية قضية أحمد أبو فول الذي فقد أكثر من 60 فرداً من عائلته جراء القصف الإسرائيلي على غزة. كما يتضمن الملف سيدة مسنة في غزة تعيش على مياه البحر المغلية منذ 70 يوماً وقد منعتها إسرائيل من الذهاب إلى المستشفى. وقد أفاد الطبيب عمر النجار أن الأطفال الذين عاينهم في المستشفى بغزة يعانون من الجفاف الشديد وسوء التغذية. ويدل ذلك على حرب التجويع والإبادة التي يشنها العدو الإسرائيلي بمساعدة الولايات المتحدة على غزة المحاصرة.
كتب محامو المدعين في الشكوى القضائية: «نصف سكان غزة يعانون من الجوع، و90% يُحرمون بانتظام من الطعام لمدة يوم كامل، ولا يزال الوصول إلى المياه النظيفة مستحيلاً، والأمراض المعدية تنتشر بسرعة».
وتضمّن الملف أيضاً إفادة جوش بول الذي عمل لأكثر من 11 عاماً كموظف في وزارة الخارجية الأميركية ومسؤول عن الموافقة على نقل الأسلحة العسكرية إلى الخارج. قال بول إنه استقال في 20 تشرين الأول الفائت لأن الولايات المتحدة «تسمح بنقل الأسلحة إلى إسرائيل ويمكن استخدامها لارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان».
تؤكد الدعوى أن تصرفات إسرائيل، والدعم السياسي والمالي الأميركي لها يتناسب مع التعريف القانوني للإبادة الجماعية


وقد وصل حجم الدعم الأميركي إلى 3.8 مليارات دولار سنوياً كمساعدات عسكرية لإسرائيل. وطلب بايدن من الكونغرس 14 مليار دولار إضافية. لكن محامي وزارة العدل أعلم القاضي وايت في مذكرة 8 كانون الأول أنه حتى لو أمرت المحكمة بقطع المساعدات الأميركية «ليس هناك ما يشير إلى أن ذلك سيغيّر العمليات العسكرية الإسرائيلية بطريقة من شأنها معالجة الإصابات المزعومة للمدعين».
وكان الرئيس جو بايدن قد صرّح في 12 كانون الأول الجاري أن إسرائيل قد تفقد الدعم الدولي بسبب «قصفها العشوائي» لغزة، لكن الولايات المتحدة «لن تفعل أي شيء سوى حماية إسرائيل».



بايدن يمنع وقف اطلاق النار


بأمر من الرئيس جو بايدن، استخدم مندوب الولايات المتحدة الأميركية حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي عدّة مرّات في مجلس الامن الدولي لمنع صدور قرار يفرض وقف فوري لإطلاق النار. ففي 26 تشرين الأول اعترضت الولايات المتحدة الأميركية على قرار قدمته روسيا بشأن وقف إطلاق النار في غزة لأسباب إنسانية. وفي 8 كانون الأول استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية حق النقض (الفيتو) ضد قرار قدمته الإمارات العربية المتحدة ويدعو لوقف اطلاق النار. علماً ان مشروع القرار حظي بتأييد أكثر من 80 دولة.