رُحِّلَ البند السابع من جدول أعمال مجلس الوزراء بالتصديق على الاتفاقية المطبّقة منذ عام 2019 بين التفتيش المركزي والسفارة البريطانية في لبنان على سبيل التسوية، الى الجلسة المقبلة حيث جرى الاتفاق على استدعاء رئيس ديوان المحاسبة القاضي محمد بدران للوقوف على رأيه القانوني في هذا الموضوع.الاتفاقية التي أُبرمت بشكل فردي بين رئيس التفتيش القاضي جورج عطية ووزارة الخارجية والتنمية البريطانية ممثّلة بالسفير البريطاني في بيروت إيان كولارد منذ 5 سنوات تحت عنوان «دعم الحوكمة والرقابة والمساءلة في لبنان»، لم تعرض على وزارة الخارجية ولا على مجلس الوزراء أو رئيس الجمهورية، وانتهت بصرف عطية هبةً بقيمة 2.5 مليون جنيه استرليني أي 3 ملايين دولار من دون التصريح عنها في وزارة المال. وبموجب مذكّرة التفاهم تلك، كلفت السفارة البريطانية إحدى مؤسساتها غير الحكومية وتدعى «siren” الإشراف على منصة impact التي تدير برنامج المساعدات المالية للعائلات المحتاجة، والتي سبق أن سُجّلت عليها كل طلبات الحصول على اللقاحات والأذونات في فترة «كورونا». وسلّم التفتيش بدوره مفاتيح الداتا الخاصة باللبنانيين الى البريطانيين، رغم كل التحذيرات والكتب المرسلة من الأجهزة الأمنية اللبنانية ومن بينها كتاب المدير العام السابق للأمن العام اللواء عباس إبراهيم حول استضافة المنصة على خوادم أجنبية جرى استئجارها من leaseweb في ألمانيا وهولندا لحفظ الداتا، من دون أن يعرف من له حقّ الولوج والتحكم بتلك الخوادم وسحب البيانات منها. وهو ما دفع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ولو متأخراً الى إحالة مخالفات عطية الى ديوان المحاسبة والنيابة العامة التمييزية، ليصدر بعدها تقرير عن الديوان يدين عطية بشكل واضح لتجاوزه صلاحياته، لجهة قيامه بمهام مخالفة للمادة 52 من قانون المحاسبة العمومية وعدم استصدار أي قرار بقبول هبة الـ 3 ملايين دولار من الحكومة وعدم تقييدها ضمن الواردات في قسم الواردات من الموازنة؟ كذلك عدم إرفاق الملف بأيّ كشوفات أو مستندات تبيّن وجهة الصرف والإنفاق.
يوم أمس، ناقش مجلس الوزراء هذه المخالفات واتفق على ضرورة محاسبة عطية، ولا سيما أن موقعه يوجب عليه قمع المخالفات لا القيام بها. وتحدث وزيرا حزب الله: علي حمية ومصطفى بيرم عن ضرورة معالجة الموضوع الأمني وحماية الداتا مع عدم الموافقة على التسوية التي يطلبها رئيس التفتيش حتى يتسنى له تجديد الاتفاقية لسنة أخرى. وقد علّق ميقاتي بأن الاتفاقية وُقعت قبيل تسلّمه رئاسة الحكومة، وبالتالي إن كان ثمة خرق أمني فقد حصل.
وطالبت وزيرة الدولة للتنمية الإدارية نجلا رياشي بنقل المنصة الى وزارتها، حيث يمكنها الاستفادة من الحواسيب المفقودة في مكاتبها، بينما رأى وزير الصحة فراس الأبيض أن الضرورات تبيح المحظورات، وخصوصاً أن الوضع يوجب على الوزراء الالتفاف للحصول على دعم لتسيير أمور وزاراتهم، ولكن ذلك لا يعفي الوزير أو المسؤول من واجب الكشف عن وجهة الصرف وآليته، وخصوصاً أن عطية رفض الحضور الى الديوان ورفض إمداد المالية بالمستندات المطلوبة. أما رئيس الحكومة فأنهى النقاش قائلاً: “أنا من حوّل عطية الى الديوان ولا مانع لديّ من تحويله الى المجلس التأديبي. إنما ساعدوني في إيجاد حلّ للسفير البريطاني الذي يزورني باستمرار ويطالب بالتصديق على الاتفاقية».