ما اقترحته موازنة 2024، هو تعديل هذا النص القانوني، ومضاعفة القيم التأجيرية التي على أساسها يُحتسب الرسم البلدي، 10 أضعاف للوحدات السكنية والتجارية الكائنة في طابق سفلي، و15 ضعفاً للوحدات التجارية الكائنة في طابق علوي و20 ضعفاً للوحدات التجارية الكائنة في الطابق الأرضي. بمعنى آخر، ضرب الرسم الذي كان يُدفع قبل أزمة 2019 بـ10 أو 15 أو 20 مرة بحسب نوع الوحدة. وعلى سبيل المثال، من كان يُسدّد رسماً بلدياً بقيمة 100 ألف ليرة سنوياً بسعر 1500 ليرة للدولار (أي 67 دولاراً)، سيُسدّد بعد نفاذ قانون الموازنة رسوماً تراوح بين مليون ليرة ومليونين (بين 11 و22 دولاراً).
هذه الحسبة يصفها رؤساء البلديات بأنّها «خارج المنطق» نظراً إلى الفرق الشاسع بين الإيرادات التي ستتضاعف بين 10 و20 مرة، والمصاريف التي يُدفعُ معظمها بالدولار الذي تضاعف 60 مرة، إضافة إلى الزيادات التي لحقت ببدلات النقل والرواتب والأجور لموظفي وعمال البلديات.
محدودية الإيرادات في رأي رؤساء البلديات «لن تغطي المصاريف التشغيلية، وستحول دون قيام البلديات بالحد الأدنى من أعمالها اليومية». إلا أنّ وجهات النظر حول الحلول الممكنة تتباين. ففيما يطرح جان الأسمر، رئيس بلدية الحازمية، «اعتماد 10 أضعاف الرسم البلدي السابق للوحدات السكنية، و30 ضعفاً للوحدات التجارية كالمكاتب واحتساب رسوم المتاجر على سعر دولار السوق»، يقترح معن الخليل، رئيس بلدية الغبيري، «احتساب الرسوم بناءً على تخمين القيم التأجيرية وفقاً لسعر دولار السوق، ما يجعل الرسم أقرب إلى الواقع، ويقلّص الفارق بين إيرادات البلديات ونفقاتها». يؤيد طوني مطر، رئيس بلدية نهر إبراهيم هذا الرأي، مع طلب «السماح للبلديات بإعادة النظر في القيم التأجيرية كل ثلاث سنوات». أما رئيس بلدية المطيلب، بول شديد، فيعارض الاحتساب على سعر دولار السوق، لكنه يدعم «السير في حلّ وسطي يتخطّى الـ20 ضعفاً المطروحة، ويكون عادلاً بين المواطن والبلدية، لتتمكن من القيام بمهامها الضرورية».
إيرادات الرسوم ستتضاعف بين 10 و20 مرة فيما زادت المصاريف 60 ضعفاً
ومما يزيد الطين بلّة أن المادة 38 تنص على أنه في حال سبق أن سدّد المكلّف رسماً يفوق الرسم المتوجب وفقاً للاحتساب الجديد، يُعتبر الفرق المُسدّد زيادة دفعة على حساب الرسم المُستحقّ عن سنوات لاحقة، أي أن على البلديات تعويضه بمفعول رجعي.
نيابياً أيضاً، هناك معارضون للمادة 38. ومن ضمن الأفكار المتداولة، يطرح النائب مارك ضو الرسم البلدي التصاعدي من 10 إلى 30 ضعفَ ما كان عليه قبل الانهيار للوحدات السكنية، ومن 20 إلى 40 ضعفاً للوحدات التجارية. وذلك «على حسب تقدير كل بلدية للقيمة التأجيرية للمبنى، من منطلق أنّ البلديات أعلم بعملية التخمين، وأدرى بمصلحة أهلها وماليتها. وما سحب هذا الدور من البلديات إلا ضربٌ لصلاحيات السلطة المحلية ومسٌّ بمفهوم اللامركزية». من جهته يؤيّد النائب إبراهيم منيمنة «اعتماد القيمة التأجيرية على السعر الرائج، واستيفاء النسبة المحدّدة منها وفقاً لقانون الرسوم والعلاوات البلدية المعمول به»، واضعاً التعديل المطروح في خانة «الترقيع غير المبني على أسس علمية». أما المؤيّدون للمادة 38، فيبرّرون ذلك بتجنيب تحميل المواطن أعباء إضافية، مع التأكيد على سعيهم لتعزيز عائدات الصندوق البلدي المستقلّ.
بالنتيجة، ما يحصل هو مضاعفة عشوائية للضرائب والرسوم، بغياب المعايير، ونتيجة طبيعية لاستمرار نهج الترقيع عوضاً عن ذهاب الحكومة ومجلس النواب في اتجاه اتخاذ خطوات إصلاحية مطلوبة.