فوجئ التيار الوطني الحر بقرارات مجلس الوزراء أمس، لجهة تعيين رئيس جديد للأركان في الجيش. المفاجأة بالنسبة إلى قيادة التيار لا تتعلق بسلوك الحكومة، بل بما أسماه مصدر قيادي "المشاركة من قبل الشركاء في الوطن في عملية تجاوز لكل القواعد والأعراف، بما يوجّه ضربة كبيرة إلى اتفاق الطائف نفسه".وكان البارز في مواقف التيار ما صدر عن رئيسه النائب جبران باسيل، الذي قال إن ما حصل في الأمس، هو أن "حكومة مستقيلة قامت بنحر دستور الطائف، وأن من اقترح على الحكومة المستقيلة تعيين موظف فئة أولى من دون وجود الوزير المعني، هو من وافق على اغتصاب صلاحية دستورية تعود لوزير الدفاع وفقاً للمادة 66 من الدستور، وهذا جرم جنائي معاقب عليه بالاعتقال لمدّة لا تقل عن سبع سنوات وفقاً للمادة 306 من قانون العقوبات".
وقال باسيل: "من قام بهذا العمل، هو كذلك مسؤول عن أفعاله الجنائية أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء وفقاً للمادتين 70 و 71 من الدستور". وتوجّه إلى النواب قائلاً: "فلنرَ إذا كان هناك 26 نائباً، على الأقل، وخاصةً من الذين يطالبون بالتغيير وبدولة القانون، مستعدين لتقديم طلب اتهام بحقه بموجب عريضة تُقدّم للمجلس النيابي وفقاً للقانون 1990/13".
وعن احتمالية مواجهة قرار مجلس الوزراء من خلال المؤسسات الدستورية قال باسيل إنه "من البديهي أيضاً أن يُقدّم طعن أمام مجلس شورى الدولة بهكذا قرار، وبهكذا مرسوم صادر من دون أن يحمل توقيع الوزير المعني، ومن الطبيعي أن يُقبل الطعن ويتم وقف تنفيذ القرار فوراً وإلغاؤه، وإلا ما معنى أن يكون هناك دستور وقانون وشورى دولة".
وأضاف باسيل أن "رئيس الحكومة الذي قدّم الاقتراح، هو نفسه من قام بذبح الطائف، وأن الوزراء الذين شاركوا في الجريمة، هم أعلنوا عملياً وفاة اتفاق الطائف، وأن كل من غطّى هذه العملية بالقبول المبطّن أو بالسكوت هو شريك في الجريمة". وتوجّه إلى "المرجعيات الدينية والأحزاب السيادية التي تطالب كل يوم بانتخاب رئيس حرّ وسيادي"، سائلاً إياهم "أين أنتم من هذه العناوين، وأنتم بموافقتكم السابقة ومشاركتكم المستترة وسكوتكم الفاضح، قد أوصلتم هذه الحكومة المستقيلة إلى ارتكاب هكذا فظاعة بغياب رئيس الجمهورية. وكيف ستطالبون بعد اليوم القائمين بهذه الحكومة، والذين تتهمونهم بالتعطيل، بأن يقوموا بانتخاب الرئيس فيما هم يقومون مقامه ومقام كل وزير معارض لمخالفاتهم؟".
وهاجم باسيل بصورة مباشرة "النواب السياديين" قائلاً لهم: "بينما يجب الاتفاق في ما بيننا لوقف هذه المجزرة، نراكم تتذرّعون بأكاذيب تبدأ ولا تنتهي. نكلّمكم بالشراكة يا أهل الحكم، فتحكمون بالتفرّد. نتكلّم بالميثاق ونمارسه، فتضربون الاثنين معاً. ندعوكم لحوار حقيقي للتفاهم على انتخاب رئيس والاتفاق على شخصه، فتستغيبون الرئيس وتعيّنون فئة أولى بغيابه وتشرّعوا كالعادة من دون وجوده. تدّعون الحفاظ على الوطن باتخاذكم هكذا مخالفات، وكل يوم تقضون على الدولة".
وتوجّه باسيل إلى الرئيس نجيب ميقاتي قائلاً: "كل انتهاك تقومون به هو مسمار بنعش الدولة، وإن الشراكة الوطنية هي أساس الوحدة الوطنية وها أنتم تضربونها كل يوم. والسطو على صلاحيات رئيس الجمهورية، هو كالسطو على المال العام، وهذا حرام. الجريمة ليست فقط قتل إنسان بالسلاح، الجريمة الكبرى هي قتل وطن بالدستور". وختم قائلاً: "8 شباط 2024، أنتم قتلتم دستور الطائف".