العدوان الأميركي مستمر على اليمن، منذ عقدين من الزمن، وإن بشكل غير مباشر، وبأيدي أدوات محلية 2004-2010، واقليمية 2015، وحتى اليوم، أتى الاميركي لينفذ عدوانه على بلادنا بشكل مباشر، بعد أن مكن الله سبحانه وتعالى المجاهدين المخلصين من أبناء الشعب اليمني، بقيادة السيد عبدالملك الحوثي، من الحاق الهزيمة بالأدوات المحلية والاقليمية، وبإذن الله تعالى سيتمكن المجاهدون الأحرار الصادقون من أبناء الشعب اليمني وأبناء الامة الاسلامية، ومن إفشال العدوان الأميركي المباشر، كما سبق لأبناء اليمن أن أفشلوا وهزموا عدوانه غير المباشر، بواسطة أدواته المحلية والاقليمية.ويأتي تحرك اليمن، قيادة وشعبا، لنصرة أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، استجابة لأمر الله تعالى القائل ﴿وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ﴾ والشعب اليمني يدرك تماما، منذ بداية تحركه، أن أميركا والغرب الى جانب الكيان الصهيوني، وهذا التكالب العدواني لم يكن غائبا عن الشعب اليمني، ولم يكن ليمثل أي مستوى من الردع، يحول دون اضطلاعه بواجبه الديني والاخلاقي، ومسؤوليته الانسانية في نصرة المظلومين من أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، بل على العكس من ذلك، تحرك الشعب اليمني باصرار كبير، وعزم لا يلين، في مواجهة قوى الاستكبار العالمي بقيادة أميركا.
والحقيقة أن موقف الشعب اليمني وتحركه لم يكن موقفا لحظيا أو آنيا أو أنفعاليا، لينتهي بمجرد احتجاج أو استنكار أو إدانة، بل إن هذا الموقف أصيل، ومتجذر في أعماق ثقافته الإيمانية، وهو تجسيد حي للرصيد التاريخي لهذا الشعب الأبي، الذي شهد له النبي محمد صلوات الله تعالى عليه وعلى اله الطيبين الطاهرين، وشهد له قبل ذلك القرآن الكريم شهادة لم يرد مثلها في حق غيره من شعوب الأرض، حين وصفه الله سبحانه وتعالى بالقوة والبأس الشديد في قوله تعالى ﴿ قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ﴾.
ولقد كان من مصاديق هذا الوصف موقف الأجداد من (الأوس والخزرج) الذين آووا ونصروا خاتم النبيين والمرسلين، محمد صلوات الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين، وهو الذي استبشر باسلام أهل اليمن وأنزل الله تعالى في ذلك أيات تتلى إلى يوم الدين قال تعالى ﴿إِذا جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح، وَرَأَيْت النَّاس يدْخلُونَ فِي دين الله أَفْوَاجًا، فسبح بِحَمْد رَبك وَاسْتَغْفرهُ إِنَّه كَانَ تَوَّابًا﴾.
موقف الشعب اليمني أصيل ومتجذر في أعماق ثقافته الإيمانية وتجسيد حي للرصيد التاريخي لهذا الشعب الأبي


لكل ذلك، فإن الشعب اليمني مستمر وبشكل متصاعد في نصرة أبناء الشعب الفلسطيني، ومواجهة أميركا، ولن يثنيه عن أداء هذا الواجب المقدس التهويل الامريكي الغربي، مهما كان الثمن، لأنه لا يأبه أبدا لفارق العدة والعتاد، فهو شعب متوكل على الله وحده، وممتثل لامره في الأخذ بالاسباب في إعداد العدة لمواجهة الأعداء قال تعالى ﴿وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ وقال عز من قائل ﴿كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإذْنِ اللَّهِ﴾.
والمؤكد أن الشعب اليمني قد استشعر عن وعي وإدراك كاملين مسؤوليته تجاه ما يتعرض له أبناء الامة في فلسطين المحتلة، وتحديدا في قطاع غزة، فنهض بهذه المسؤولية، التي هي في حقيقة الأمر - وكما أكد ذلك السيد الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه- - واجب ومسؤولية كل مسلم، باعتبار الأمة الإسلامية كلا لا يتجزأ، فالإسلام لم يوزع المسؤوليات بين أبناء الامة، فيكون له خطاب خاص معنا، وخطاب خاص مع غيرنا، والقرآن الكريم أيضاً لم يوزع العالم الإسلامي، أو الرقعة الجغرافية للامة الإسلامية، إلى قطاعات، وكل قطاع مسؤوليته تختص بجهة معينة، أو بمن في داخله من دون الاهتمام بنا يواجهه الإسلام في منطقة أخرى. ولا شك في أن الشعب اليمني يعي اليوم تماما أن التنصل عن المسؤولية تجاه العربدة الصهيوأميركية الغربية في قطاع غزة يمثل (خزياً للمسلمين، خزيا وتقصيرا عظيما أمام الله سبحانه وتعالى، ونبذ لكتابه القران الكريم) وهيهات أن يقبل الشعب اليمني أن يكون هذا هو موقفه أو واقعه، أو يسكت عن الجرائم، التي ترتكب بحق اخواننا المظلومين في قطاع غزة، حتى ولو كان الثمن أن نتطاير ذارات في الهواء - كما قال السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي أعزه الله ونصره - وسيستمر الشعب اليمني في مواجهة العدوان وبشكل متصاعد الى أن يقضي الله أمراً كان مفعولا ﴿وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ صدق الله العلي العظيم.

* عضو مجلس الشورى في اليمن