أعلنت حكومة نيكاراغوا دعمها لطلب جنوب أفريقيا في رفع دعوى ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، وقدمت طلب الانضمام إلى الدعوى بصفة متدخّل في 22 كانون الثاني 2024، وطلبت من المحكمة أن تقرر وتعلن: أن دولة إسرائيل (أ) انتهكت ولا تزال تنتهك التزاماتها بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية، (ب) يجب أن تكف فوراً عن أي أعمال وتدابير تشكل خرقاً لتلك الالتزامات، بما في ذلك الأعمال أو التدابير التي من شأنها أن تقتل الفلسطينيين أو تواصل قتلهم، أو التسبّب في إلحاق ضرر بدني أو عقلي جسيم بالفلسطينيين أو الاستمرار في ذلك أو إلحاق ضرر جسيم بجماعتهم عمداً، أو الاستمرار في إلحاق الضرر بظروف الحياة التي يُقصد بها إحداث تدمير مادي كلياً أو جزئياً، واحترامها الكامل لالتزاماتها بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية، (ج) أن تكفل معاقبة الأشخاص الذين يرتكبون الإبادة الجماعية، ويتآمرون لارتكاب الإبادة الجماعية، ويحرّضون بشكل مباشر وعلني على الإبادة الجماعية، ويحاولون ارتكاب الإبادة الجماعية، ويتواطؤون في الإبادة الجماعية أمام محكمة وطنية أو دولية مختصة، (د) تحقيقاً لهذه الغاية، وتعزيزاً للالتزامات الناشئة بموجب المواد الأولى والرابعة والخامسة والسادسة، يجب أن تجمع الأدلة وتحفظها، وأن تكفل وتسمح و/ أو لا تمنع، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، جمع وحفظ الأدلة على أعمال الإبادة الجماعية المرتكبة ضد الفلسطينيين في غزة، بمن فيهم أفراد الجماعة المهجرون من غزة؛ (هـ) أن تفي بالتزامات الجبر لمصلحة الضحايا الفلسطينيين، بما في ذلك، على سبيل المثال لا الحصر، السماح بالعودة الآمنة والكريمة للفلسطينيين المشردين قسراً و/أو المختطفين إلى ديارهم، واحترام حقوق الإنسان الكاملة لهم وحمايتهم من المزيد من التدمير في غزة، بما يتفق مع الالتزام بمنع الإبادة الجماعية بموجب المادة الأولى؛ (و) يجب أن تقدم تأكيدات وضمانات بعدم تكرار انتهاكات اتفاقية الإبادة الجماعية، ولا سيما الالتزامات المنصوص عليها في المواد الأولى والثالثة (أ) والثالثة (ب) والثالثة (ج) والثالثة (د) والثالثة (هـ) والرابعة والخامسة والسادسة».
نيكارغوا تطلب تدابير مؤقتة ضد ألمانيا
إضافة إلى اتخاذها صفة المتدخل في دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل، قدمت نيكاراغوا، في الأول من آذار/ مارس 2024، طلباً أمام محكمة العدل الدولية لبدء الإجراءات القضائية ضد ألمانيا بسبب انتهاكاتها لتعهداتها بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، واتفاقيات جنيف لعام 1949 وغير ذلك من قواعد القانون الدولي العام، المتعلقة بالأرض الفلسطينية المحتلة، وخاصة قطاع غزة. وفي ما يأتي أهم النقاط القانونية التي وردت في نص طلب نيكاراغوا لاتخاذ تدابير مؤقتة ضد ألمانيا:

أولاً، علم ألمانيا بانتهاكات إسرائيل مع استمرار الدعم
مع توفر جميع التقارير الإخبارية العامة ومقاطع الفيديو الخاصة بالفظائع فور وقوعها، إلى جانب تصريحات المسؤولين الدوليين بشأن عواقب هذه الأحداث، وحتى مع أمر المحكمة الصادر في 26 كانون الثاني/ يناير استناداً إلى وصف كامل لما كانت تفعله إسرائيل في غزة، لا يمكن لألمانيا أن تنكر معرفتها بعدم شرعية سلوك إسرائيل الخطير، كما لا يمكنها أن تنكر معرفتها بالالتزامات المترتبة عليها بموجب القانون الدولي بمنع الإبادة الجماعية، وعدم تقديم المساعدة أو التواطؤ في الإبادة الجماعية، وضمان احترام القانون الإنساني الدولي وغيره من القواعد القطعية للقانون الدولي.
- قدمت ألمانيا الدعم السياسي والمالي والعسكري لإسرائيل وهي تدرك تماماً، عند صدور وقت الترخيص لتلك المساعدات، أنها ستستخدم في ارتكاب انتهاكات جسيمة للقانون الدولي.
- قطعت الحكومة الألمانية المساعدات عن الأونروا بما يعرض للخطر أي مساعدة فعالة تقدم لضحايا الفظائع التي ترتكبها إسرائيل. وتدرك ألمانيا تماماً العواقب المميتة لذلك على الفلسطينيين، وهذا في حدّ ذاته ليس فقط خرقاً للالتزام بمنع الإبادة الجماعية وضمان احترام الآخرين لقوانين الحرب، بل يشير أيضاً إلى مشاركة أكبر في تسهيل هذه الأنشطة غير القانونية.
- يقع على عاتق كل طرف متعاقد في اتفاقية الإبادة الجماعية، بموجب الاتفاقية، أن يبذل كل ما في وسعه لمنع ارتكاب الإبادة الجماعية. وكما ذكرت المحكمة نفسها فإن «التزام الدولة بالمنع، وما يقابله من واجب التصرف، ينشأ في اللحظة التي تعلم فيها الدولة، أو كان ينبغي لها عادة أن تعلم، بوجود خطر جدي بارتكاب الإبادة الجماعية. ومنذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023، كان هناك خطر معترف به من الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، موجه أولاً ضد سكان قطاع غزة. ومع ذلك، عبر إرسال معدات عسكرية ووقف تمويل الأونروا التي تقدم الدعم الأساسي للسكان المدنيين، تسهل ألمانيا ارتكاب الإبادة الجماعية، كما فشلت في التزامها ببذل كل ما في وسعها لمنع ارتكاب الإبادة الجماعية، كونهما قاعدتين متميزتين لمسؤولية ألمانيا.
- وبالمثل، فإن ألمانيا، بوصفها طرفاً متعاقداً سامياً في اتفاقيات جنيف لعام 1949، ملزمة بهذه الاتفاقيات، وكذلك بمبادئ القانون الإنساني الدولي التي لا يجوز انتهاكها في ما يتعلق بأي نزاع مسلح. ومع ذلك، فشلت ألمانيا في الوفاء بالتزاماتها، ولا سيما التزامها بضمان احترام القانون الإنساني على النحو المنصوص عليه في المادة 1 المشتركة من اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949، والقواعد العرفية، بما في ذلك الالتزام بعدم تشجيع انتهاكات القانون الإنساني الدولي من قبل أطراف النزاع المسلح، وممارسة نفوذها إلى أقصى حد ممكن لوقف هذه الانتهاكات. إن فشل ألمانيا يستحق الشجب في ما يتعلق بإسرائيل، بالنظر إلى أن ألمانيا لديها علاقة مميزة معلنة معها، من شأنها أن تمكنها من التأثير بشكل مفيد على سلوكها.

ثانيا: طلبات نيكاراغوا من المحكمة
أ- تطلب نيكاراغوا إلى المحكمة أن تقرر وتعلن أن ألمانيا، بسلوكها في ما يتعلق بالانتهاكات الجسيمة لقواعد القانون الدولي القطعية التي تحدث في الأرض الفلسطينية المحتلة أنها: (أ) لم تفشل فقط في الوفاء بالتزامها بمنع الإبادة الجماعية المرتكبة ضد الشعب الفلسطيني - بما في ذلك أولئك الذين يشكلون جزءاً منها في قطاع غزة - ولكنها أسهمت في ارتكاب الإبادة الجماعية ؛ (ب) لم تمتثل لالتزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي، المستمدة من اتفاقيات جنيف لعام 1949 وبروتوكولَيها لعام 1977، ومن مبادئ القانون الإنساني الدولي التي لا يجوز انتهاكها، (ج) لم تمتثل للقواعد القطعية الأخرى للقانون الدولي العام، ولا سيما بتقديم العون أو المساعدة في الحفاظ على الوضع غير القانوني للاحتلال العسكري المستمر لفلسطين، بما في ذلك هجومه المستمر غير القانوني على غزة، (د) لم تمتثل للقواعد القطعية الأخرى للقانون الدولي العام، ولا سيما بتقديم العون أو المساعدة وعدم منع نظام الفصل العنصري غير القانوني وإنكار حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير.
على ألمانيا أن تعلق فوراً مساعداتها لإسرائيل، ولا سيما مساعدتها العسكرية، وأن تتراجع عن قرارها بتعليق تمويل الأونروا


وريثما تبت المحكمة في هذه القضية من حيث أسسها الموضوعية، في ما يتعلق بألمانيا في مشاركتها في الإبادة الجماعية المستمرة والانتهاكات الخطيرة للقانون الإنساني الدولي وغيرها من القواعد القطعية للقانون الدولي العام التي تحدث في قطاع غزة تطلب نيكاراغوا أن تشير المحكمة إلى التدابير المؤقتة الأتية:
(1) تعلق ألمانيا فوراً مساعداتها لإسرائيل، ولا سيما مساعداتها العسكرية بما في ذلك المعدات العسكرية، بقدر ما يمكن استخدام هذه المعونة في انتهاك اتفاقية الإبادة الجماعية أو القانون الإنساني الدولي أو غيرهما من القواعد القطعية للقانون الدولي العام مثل حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير وعدم الخضوع لنظام الفصل العنصري.
(2) يجب على ألمانيا أن تبذل على الفور كل جهد ممكن لضمان عدم استخدام الأسلحة التي تم تسليمها بالفعل إلى إسرائيل لارتكاب إبادة جماعية أو المساهمة في أعمال الإبادة الجماعية أو استخدامها بطريقة تنتهك القانون الإنساني الدولي.
(3) يجب على ألمانيا أن تبذل فوراً كل ما في وسعها للامتثال لالتزاماتها بموجب القانون الإنساني.
(4) يجب على ألمانيا أن تتراجع عن قرارها بتعليق تمويل الأونروا كجزء من امتثالها لالتزاماتها بمنع الإبادة الجماعية وأعمال الإبادة الجماعية وانتهاك الحقوق الإنسانية للشعب الفلسطيني، والتي تشمل أيضاً الالتزام ببذل كل ما في وسعها لضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى الشعب الفلسطيني، وعلى الأخص في غزة.
(5) يجب على ألمانيا أن تتعاون من أجل وضع حد للانتهاكات الخطيرة لقواعد القانون الدولي القطعية عبر وقف دعمها، بما في ذلك تزويدها إسرائيل بالمعدات العسكرية التي يمكن استخدامها لارتكاب جرائم خطيرة للقانون الدولي، وأن تواصل دعم الأونروا الذي اعتمدت عليه هذه المنظمة وبنت أنشطتها.
أ- 102- وعملاً بالمادة 74(4) من لائحة المحكمة، وفي ضوء الطابع العاجل جداً للحالة في غزة، وريثما تعقد المحكمة اجتماعاً، تطلب نيكاراغوا بكل احترام إلى رئيس المحكمة أن يدعو ألمانيا إلى اتخاذ جميع التدابير اللازمة، بما في ذلك وقف جميع الأعمال التي قد تشكل أو تسهل ارتكاب انتهاكات لاتفاقية الإبادة الجماعية، اتفاقيات جنيف لعام 1949 وبروتوكولها الإضافي، وغيرها من القواعد القطعية للقانون الدولي، من أجل تمكين أي أمر قد تصدره المحكمة من أن تكون له آثاره المناسبة.