منذ عام 2005، قامت وزارات القضاء والخارجية والأمن الإسرائيلية بتحركات قانونية وسياسية للتصدي للدعاوى التي ترفع في أوروبا ضدّ مسؤولين إسرائيليين بتهمة ارتكاب جرائم حرب. ونجحت إسرائيل، عبر الضغوطات التي مارستها، بإلغاء أمر الاعتقال الذي أصدرته محكمة في لندن ضدّ قائد المنطقة الجنوبية السابق الجنرال دورون الموغ الذي أُعيد إلى إسرائيل هرباً من لندن خوفاً من اعتقاله. وأصدرت الوزارة تعليمات إلى جميع الضباط والمسؤولين الإسرائيليين بالامتناع عن زيارة الدول الأوروبية (تحديداً إسبانيا وسويسرا وبريطانيا) خشية اعتقالهم، وخصّصت مليون دولار لتمويل الدفاع عن المسؤولين الإسرائيليين الذين قد يعتقلون في الدول الأوروبية، فيما تعاقدت وزارة القضاء مع عدد من مكاتب المحاماة الشهيرة في لندن لتولي مهمة الدفاع عن هؤلاء. ويسعى الكيان إلى إجراء مباحثات مع الدول الأوروبية في محاولة لإقناعها بتغيير القوانين التي تتيح لها اعتقال مسؤولين عسكريين يشتبه بمشاركتهم في تنفيذ جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية في المناطق الفلسطينية المحتلة. وفي أيلول - سبتمبر 2019، طالب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان البرلمان الفدرالي السويسري عدم الاستجابة لضغوطات إسرائيل لوقف العمل بالتشريعات الجنائية التي تعطي المحاكم السويسرية صلاحية مقاضاة سياسيين وعسكريين إسرائيليين تورطوا في ارتكاب جرائم حرب ضد الفلسطينيين.رغم تلك الضغوط، أخفقت إسرائيل في مساعيها إلى إقناع بعض الدول الأوروبية بتعديل تشريعاتها كإسبانيا وبريطانيا. ولم تنجح في وضع حد لجهود محامين من بريطانيا ودول أوروبية كاسبانيا وبلجيكا، والنرويج وهولندا العمل منذ عام 2009 على جمع شهادات من الفلسطينيين ومعطيات من غزة تثبت ارتكاب الجيش الإسرائيلي جرائم حرب أثناء عملية «الرصاص المسكوب». وتتعلق هذه القرائن بضباط من الجيش الإسرائيلي من رتبة قائد فما فوق ممن أشرفوا أو شاركوا في مراحل مختلفة في هذه الحرب.
يُشكّل الاختصاص العالمي للمحاكم الوطنية مصدر تهديد فعلي للمسؤولين الإسرائيليين، سياسيين أو عسكريين، وقد أدى إلى إرباكهم، ورغم أن في كل مرة يُسجّل تأخر أو تباطؤ من السلطات القضائية في التنفيذ، إلّا أنه يبقى آلية ذات أهمية واعدة، خصوصاً في ظل الحملة «القضائية» الحالية ضدّ الكيان أمام محكمتَي العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية.