في الوقت الذي تشدّ فيه الدورتان السنويتان للصين انتباه العالم إلى أهدافها الاقتصادية وإعلاناتها السياسية، فإن العمليات الديموقراطية للبلاد خلال هذا الحدث السياسي المهم تستحق دراسة أعمق.ويتجمّع ما يربو على 5000 من المشرّعين والمستشارين السياسيين في بكين للمشاركة في اجتماعات المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني والمجلس الوطني للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني.
إنّ هذا التجمّع هو أكثر من مجرد ممارسة تشريعية، فهو يمثل نموذج الديموقراطية على الطراز الصيني، ويبرز قيادة الحزب وكون الشعب سيداً للدولة، فضلاً عن حكم الدولة وفقاً للقانون.
وغالباً ما يتغاضى أو يتجاهل بعض المراقبين الغربيين الاستشارات الواسعة النطاق في إطاره. فقبل انعقاد الدورة السنوية للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني، يتم التماس الآراء حول تقرير عمل الحكومة من فئات مجتمعية متنوعة، من ضمنها الخبراء ورواد الأعمال ومستخدمو الإنترنت، من خلال قنوات متعددة.
تتردّد في قاعة الشعب الكبرى أصداء العديد من الأصوات الصادرة عن المشرّعين والمستشارين السياسيين. ويُنظر إلى هذا النهج الشامل على أنه السمة المميزة للديموقراطية العملية.
وتُعد الديموقراطية الشعبية الكاملة العملية بمثابة ديموقراطية حقيقية ناجحة.
واستجابة للمقترحات والمشاريع المقدّمة خلال الدورتين السنويتين العام الماضي، أصدر مجلس الدولة أكثر من 2000 من السياسات والتدابير التي تعالج تحديات اقتصادية واجتماعية رئيسية. وعلى سبيل المثال، اتخذت وزارة الموارد البشرية والضمان الاجتماعي إجراءات بشأن 962 من المقترحات والمشاريع، ما أدى إلى تعزيز التوظيف وإطلاق مبادرات لريادة الأعمال.
وتهتم الصين أيضاً بالابتكار في المشاركة الديموقراطية. وفي العام الماضي، قامت لجنة الشؤون التشريعية باللجنة الدائمة للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني بتوسيع مكاتب التوعية التشريعية المحلية التابعة لها بغية ضمان التمثيل المباشر للأصوات المحلية في سنّ القوانين على المستوى الوطني.
وباتت المشاركة العامة في صياغة القوانين واضحة، مع فتح مشاريع القوانين أمام الجمهور للتعليق عليها من خلال الموقع الإلكتروني للمجلس الوطني لنواب الشعب في عام 2023.
ويعالج نواب المجلس الوطني لنواب الشعب قضايا متنوعة، من احتياجات البنية التحتية المحلية إلى تنمية الصناعة، وتعزيز شعور المواطنين بالسعادة والكسب. كما يُعدّ المؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني جزءاً لا يتجزأ من نظام الصين للتعاون المتعدد الأحزاب والتشاور السياسي تحت قيادة الحزب الشيوعي الصيني، ويلعب دوراً في تعزيز الوحدة وتقوية التعاون بين مختلف الأحزاب.
إنّ نهج الصين في الديموقراطية يؤكد على التنمية المتمحورة حول الشعب ويضمن مشاركة الشعب في الانتخابات والمشاورات وصنع القرار والإدارة والرقابة بشكل ديموقراطي.
ويسهم نهج الصين في الديموقراطية في الحفاظ على الوحدة والاستقرار وتحقيق النمو الاقتصادي، على النقيض من الانقسامات السياسية والاجتماعية في بعض الدول الغربية.
ووفقاً لاستطلاع أجرته مجموعة «إيبسوس» الاستشارية، ومقرّها فرنسا، العام الماضي، فإنّ ما يقرب من واحد من كل شخصين في بلدان تشمل الولايات المتحدة وبريطانيا غير راضين عن الطريقة التي تعمل بها الديموقراطية في بلدانهم.
فلا يوجد نموذج ديموقراطي كوني أو مثالي، ولا يمكن للديموقراطية أن تكون قضية واحدة مناسبة للجميع. إنّ النظام السياسي الذي يناسب دولة ما على أفضل وجه هو النظام الأنسب. وإنّ إنشاء الصين لنظامها الديموقراطي الخاص ساهم في اكتشاف طريق جديد لتطوير الديموقراطية البشرية.
ومع تلاشي أسطورة التفوّق الديموقراطي الغربي، تقدّم الديموقراطية الشعبية الكاملة العملية في الصين منظوراً متميزاً بشأن الحوكمة ورؤى بديلة للتنمية العالمية.
(وكالة «شينخوا» الصينية)