خلافاً للتوقّعات التي سادت خلال الأيام الماضية، لم تُقدِم المقاومة في غزة على أي ردّ فعل عسكري على «مسيرة الأعلام» التي شهدتها مدينة القدس المحتلة، على رغم أن الاستفزازات التي أقدم عليها جنود العدو ومستوطنوه أمس تُعدّ الأكبر منذ عشرين عاماً على الأقلّ. وإذ أتاح هذا «اللافعل» فرصة للعدو ليكسب جولة في معركة الصورة، ويتباهى بتحقيق إنجاز رمزي في مجال «فرض السيادة» الذي بات شغله الشاغل، فإن للمقاومة أسبابها «العقلانية»، الذاتية والموضوعية، التي دفعتها إلى اتّخاذ قرار الانكفاء، وعلى رأسها حالة التأهّب الإسرائيلية غير المسبوقة، والتي يعني الذهاب إلى حرب في ظلّها الانتحار بشكله الأسوأ. وعلى رغم أهمية تلك الحسابات، والتي دفعت المقاومة إلى الاحتفاظ بحق الردّ في الزمان المناسب وبالطريقة التي تريد، إلّا أنه سيكون على الفصائل، من الآن فصاعداً، تشذيب خطابها السياسي والإعلامي و»عقْلنته»، حتى لا تمنح العدو مرّة أخرى مكسباً، ولو دعائياً، بالمجّان