هو موسمٌ استثنائي لمانشستر سيتي. حقّق الفريق ثنائية محلية تمثّلت بلقبي الدوري والكأس ثم دوري أبطال أوروبا للمرة الأولى، ليحقق بذلك ثلاثية تاريخية. السيتي ببساطة أقوى فرق إنكلترا حالياً. يعكس ذلك هيمنته على الألقاب من خلال تتويجه بالدوري في خمس مناسبات من آخر ست متاحة إضافةً إلى مجموعة متنوعة من الكؤوس.ترافق الاحتكار المحلي لأزرق مانشستر مع تألق أوروبي لافت في السنوات الأخيرة وصل خلاله إلى الأدوار المتقدمة، وكان احتلال وصافة المسابقة الأوروبية عام 2021 أبرز الإنجازات قبل حصده لقب العام الحالي.
سيطرة «بالطول والعرض» يأمل مدرب الفريق بيب غوارديولا استمرارها على المدى البعيد ولا سيما أوروبياً، بقوله بعد الفوز على إنتر: «نحن على بعد 13 لقباً، لذا على ريال مدريد (14 لقباً) أن يكون حذراً». يغلب على التصريح نوع من التهكم، غير أن نسق مانشستر سيتي التصاعدي يؤشر إلى إمكانية سحب هيمنته المحلية إلى القارة العجوز.
الفريق حاضر فنياً وإدارياً، وهناك ثقة واحترام بين مختلف الأطراف. تسمح الموارد المالية للسيتي بتطوير مواهبه الخاصة، وعند الحاجة، يمكنه ببساطة شراء أفضل اللاعبين من الأندية الأخرى، تحت إشراف المدرب الأفضل عالمياً الذي يستمر في التطور التكتيكي كل موسم للحفاظ على الألقاب. التسلسل المتين داخل النادي من إداريين وجهاز فني يجعل السيتي قادراً على بسط سيطرته في أي مسابقة يشارك فيها، فهل يسيطر على أوروبا؟

تراجع إسباني
برزت الأندية الإنكليزية في السنوات الأخيرة على الساحة الأوروبية بعد مواسم عجاف رضخت خلالها لفرق الدوري الإسباني تحديداً. كان ريال مدريد ومن خلفه برشلونة على رأس دوري الأبطال خلال العقدين الماضيين. الفريق الوحيد الذي سيطر على دوري الأبطال خلال الألفية الجديدة هو ريال مدريد، إثر فوزه بأربعة ألقاب من خمسة بين عامي 2013 و2018 (ثلاثة منها على التوالي)، ألحقها بلقبٍ آخر في النسخة الماضية ليصل المجموع إلى 14 كرقمٍ قياسي، وهو ضعف عدد ألقاب ميلان الذي يحتل المركز الثاني في الترتيب.
ومع ذلك، يبدو أن المعادلة تغيّرت في الفترة الأخيرة. من آخر خمس نسخ، حقّقت ثلاثة أندية إنكليزية لقب دوري الأبطال هي ليفربول وتشيلسي ومانشستر سيتي. هذا الأخير يبدو قادراً على فرض سطوته في البطولة، بسبب علو كعبه على أي منافس. تجدر الإشارة إلى تجاوز مانشستر سيتي نظيره ريال مدريد ضمن مشواره إلى نهائي إسطنبول بنتيجة (5-1) بمجموع المباراتين، بينها (4-0) على ملعب الاتحاد.
حقّقت الأندية الإنكليزية ثلاث بطولات لدوري الأبطال في آخر خمس مناسبات


يتميز السيتي بقدرة لاعبيه البدنية بسبب الإيقاع العالي المطلوب في الدوري الإنكليزي الممتاز، كما أن ندّية جميع الفرق ضمن بطولة الـ«بريميرليغ» تُكسب السيتي طابعاً تنافسياً في أوروبا أيضاً، دون إغفال جودة «السيتيزينز» تقنياً وتكتيكياً.
تألُّق مانشستر سيتي في الفترة الأخيرة أعاد إلى الأذهان نسخة 2009 لبرشلونة تحت إشراف بيب غوارديولا نفسه. اشتهر «بلوغرانا» حينها بلعبة الاستحواذ الفريدة التي أذهلت المنافسين، عبر تمريرات قصيرة سريعة وتبادل موضعي بأسلوب يُسمى «تيكي تاكا». مع مانشستر سيتي، قدّم غوارديولا تطوراً في كرة القدم الشاملة حيث أنشأ نظاماً شبه مثالي، مع فارق بأن الجميع مُطالب بأدوار الدفاع والهجوم، على عكس برشلونة الذي أخذ فيه ليونيل ميسي النصيب الأكبر من الأضواء.
ببساطة، طوّر غوارديولا أسلوبه وتفوّق على نفسه قبل الآخرين، ليفرض اسمه على رأس أفضل المدربين في أوروبا. يقود المدرب الإسباني مانشستر سيتي الآن إلى حقبةٍ ذهبية قد تُؤدي في نهاية المطاف إلى احتكار دوري أبطال أوروبا، في ظل الهوة الواضحة بين السيتيزينز وباقي المنافسين.