لم يكن ينقص الرياضة في العالم سوى دخول المال الخليجي بقوة إليها، وهو ما حصل من خلال استثمارات في رياضاتٍ مختلفة على رأسها كرة القدم وبينها رياضات السيارات وحتى الغولف وكرة السلة الأميركية أخيراً، حيث هناك مساعٍ قطرية لدخولها من بوابة فريق العاصمة الأميركية واشنطن ويزاردز.

واختلطت هذه الأموال المتدفّقة إلى عالم الرياضة مع تلك التي فاضت بها البطولات الكبرى في كرة القدم على سبيل المثال لا الحصر، حيث لعب الأميركيون دوراً استثمارياً واسعاً، ومن ثم اقتحم الروس الساحة جامعين أندية من هنا وهناك. كذلك واكب الصينيون هذه الفورة فاتحين لها أسواقهم التي لا يمكن إحصاء أرباحها، فكانوا ندّاً للأميركيين الذين اعتادوا الاستثمار في الملاعب ومن ثم الكسب في المكاتب من خلال التسويق الذي اشتهروا به معتمدين على أمرين أساسيين، أوّلهما السوق المفتوحة على قارتين (أميركا الشمالية والجنوبية)، وبالتالي استهلاك أكبر، وثانيهما معرفتهم تحويل أي «سلعة» رياضيّة إلى منتج جذاب. وهذا طبعاً بفضل تنوّع الرياضات الشعبيّة في تلك البلاد الشاسعة، من كرة القدم الأميركية إلى البايسبول وكرة السلة، ووصولاً إلى ما يسمّونه بالـ«سوكر» أي ما نطلق عليه لقب اللعبة الأولى في العالم.

رونالدو يتصدّر
كل هذه الاستثمارات الرياضية ساهمت بشكلٍ أو بآخر في ارتفاع أرباح النجوم الذين حصلوا على عقودٍ ضخمة وكان آخرهم البرتغالي كريستيانو رونالدو المنتقل إلى النصر السعودي، وأيضاً على عقودٍ رعائية تخطى بعضها بقيمته رواتبهم السنوية، فأصاب الخمسة الأوائل الأكثر دخلاً أرقاماً قياسية هذه السنة في ما دخل إلى حساباتهم المصرفيّة وصلت إلى 616 مليون دولار أميركي بعد حسم الضرائب، أي أكثر بـ60 مليون دولار مقارنةً بالعام الماضي.
هم أصلاً لا يعتمدون على الراتب لتحقيق الثراء بل يبحثون عن المساحات التي تؤمّن لهم ربحاً موازياً، وهو ما يمكن إيجاده بشكلٍ كبير الآن في بلدانٍ لم تعرف فورة نجومٍ في تاريخها بالنظر إلى استقرار هؤلاء بعيداً منها.
بالفعل رونالدو نفسه كسب 136 مليون دولار وهو الذي عاش أصلاً تراكماً في الأرباح جراء تلك المنافسة التاريخية في الملعب بينه وبين النجم الآخر الأرجنتيني ليونيل ميسي، فرفعا من خلالها قيمة الرواتب والعقود التسويقيّة الخاصة بنجوم الصف الأول، وهو ما انعكس بقوة على ما تقاضاه في عام 2023 الفرنسي كيليان مبابي.
رونالدو وبالعقد الذي وقّع عليه مع النصر والإضافات التي حصل عليها من أيار 2022 وحتى أيار 2023 وبلغت قيمتها 90 مليون دولار إضافةً إلى رواتب بقيمة 46 مليون دولار، يكون الرياضي الأعلى أجراً في العالم طوال سنة كاملة، ما يعني أن البرتغالي حقق ربحاً إضافياً يصل إلى 21 مليون دولار إذا ما قارنا ما جناه في العام الماضي، وضاعف تقريباً قيمة ما حصل عليه في العام نفسه من المداخيل الإضافية ومجموعها بلغ وقتذاك 55 مليون دولار.

تراجع «الملك»
بدوره كسب ميسي المتوّج بطلاً للعالم مع الأرجنتين على 130 مليون دولار هذه السنة، أي بزيادة 8 مليون عن السنة الماضية، ليكون بالتالي ثاني أكثر الرياضيين أجراً في ظرف 12 شهراً، يليه زميله السابق في باريس سان جيرمان الفرنسي كيليان مبابي الذي حدّدت مجلة «فوربس» المتخصّصة أرباحه بـ 120 مليون دولار بين راتبٍ وإضافات، ليكون قد زاد مكاسبه بنسبة 145% أي أكثر من ضعفَي ما حصل عليه قبل عام وبلغ 48.8 مليون دولار.
واللافت أن العالم اعتاد على حصول نجوم كرة السلة الأميركية مثلاً على أرباحٍ طائلة، لكن كان لافتاً التراجع الذي أصاب «الملك» ليبرون جيمس لناحية أرباحه السنوية حيث تساوى مع مبابي بعدما كان قد وضع يده على 127 مليون دولار في العام السابق، وهو الذي كسب 75 مليون دولار من نشاطه خارج الملعب أي أقل بـ 15 مليوناً مما سبق.
لكن في المقابل يمكن تسجيل اسم الملاكم المكسيكي كانيلو ألفاريز بين الخمسة الأوائل بالنظر إلى النمو الذي عرفته أرباحه التي ارتفعت من 89 مليون دولار في عام 2022 إلى 110 ملايين دولار في السنة الحالية.
لذا بعيداً من رونالدو يمكن اعتبار كلّ من مبابي والفاريز الأكثر تطوراً على صعيد النمو في الراتب منذ سنةٍ حتى اليوم، إذ إن مكاسب الأول زادت من 30.8 مليوناً إلى 100 مليون دولار، وهو الرقم الذي حصل عليه الثاني من داخل الحلبة بعدما كانت مكاسبه توقفت عند 84 مليوناً في عام 2022.
بطبيعة الحال قوة السوق الأميركي تظهر إذا ما اطلعنا على بقية لائحة العشرة الأوائل، إذ يقف خلف هؤلاء مباشرةً نجمي الغولف الأميركيين داستن جونسون وفيل ميكلسون بـ 107 و106 ملايين دولار على التوالي، يليهما نجم كرة السلة ستيفن كوري بمكاسب سنوية وصلت إلى 100.4 مليون دولار، متقدّماً على نجم كرة المضرب السويسري روجيه فيديرر مع 95.1 مليوناً، ولاعب آخر من دوري العمالقة هو كيفن دورانت الذي حصد 89.1 مليون دولار.