أصبح باريس سان جيرمان «مرعباً» في الدوري الفرنسي لكرة القدم بعد تحقيقه تسعة ألقاب في آخر 12 موسماً. ومع ذلك، يبقى الفريق بعيداً كل البعد عن كونه «عملاقاً» أوروبياً. 12 سنة مرّت على ترؤس الإدارة القطرية للنادي الباريسي من دون حصد دوري الأبطال، رغم وضع هذه البطولة على رأس أولويات رئيس النادي ناصر الخليفي، بحسب تصريحه بعد 5 سنوات من شراء النادي الباريسي.موسمٌ بعد آخر، يسعى «بي أس جيه» لتحقيق حلمه الكبير، وفي نهاية كل موسم، تتبدد المحاولات على عتباتٍ مختلفة. حتى عندما وصل الفريق إلى نهائي دوري الأبطال للمرة الأولى في تاريخه عام 2020، خسر رفاق اللاعب كيليان مبابي البطولة أمام بايرن ميونخ بهدفٍ نظيف.
هوس ملّاك النادي بكأس «ذات الأذنين» يعكسه الإجراءات المترافقة مع نهاية كل موسم. ففي آخر موسمين على سبيل المثال، فاز كل من المدربيَن ماوريسيو بوكيتينو ثم كريستوفر غالتييه بلقب الدوري، ومع ذلك، قامت الإدارة بإقالتهما.
هذا الأخير قادَ مشروعاً واعداً على الورق. كان الفريق يضم كوكبة من النجوم، أبرزهم ثلاثي الخط الأمامي ليونيل ميسي، كيليان مبابي ونيمار جونيور، بإشرافٍ من المستشار الرياضي للنادي، لويس كامبوس.
ومع ذلك، لم تجرِ رياح الموسم كما تشتهيها الإدارة. دفع غالتييه، الذي تم تزكيته من قبل كامبوس بالذات، ثمن تراجع الفريق في النصف الثاني من الموسم، كما الخروج من الدور ثمن النهائي لدوري أبطال أوروبا على يد بايرن ميونيخ ومن مسابقة كأس فرنسا أيضاً، ليُطرد على خلفية ذلك مكتفياً بإحراز لقب الدوري الفرنسي الحادي عشر في تاريخ النادي (رقم قياسي).
تخطى الأمر منصة الألقاب في الموسم المنصرم، حيث ظهر جلياً فشل غالتييه في السيطرة على غرفة الملابس، تحديداً في قضية كيليان مبابي، صاحب الصلاحيات التي تفوق صلاحيات المدرب نفسه، وهو إخفاق تتحمله الإدارة بالدرجة الأولى.
كان هناك انقسام واضح بين اللاعبين على خلفية امتيازات عقد مبابي، وظهرت أكثر من مشكلة مع زملائه خلال الموسم.
آخر معضلة تمثلت بشنّ مبابي هجوماً قاسياً على ناديه، كاشفاً بأن الموسم المقبل سيكون الأخير له في الدوري الفرنسي. ووجه هداف «مونديال قطر» سؤالاً لإدارة النادي حول سبب الفشل المتكرر في الفوز بدوري أبطال أوروبا، موضحاً بأن اللعب في «نادٍ منقسم» مثل «بي أس جيه» لا يساعده.
تصريحات أثارت غضب زملائه ومسؤولي النادي على حد سواء، ورجحت إمكانية خروجه من الفرنسي خلال سوق الانتقالات الحالي.

صفحة جديدة
الحل المكرر من إدارة باريس سان جيرمان هو خلط الأوراق من جديد. إعادة الهيكلة سوف يقودها هذه المرة المدرب الإسباني لويس إنريكي، وسط تفاوت في التطلعات حول الموسم المقبل. يتمتع إنريكي بمسيرة حافلة في عالم التدريب، فاز خلالها بالثلاثية (دوري أبطال أوروبا والدوري والكأس الإسباني) مع برشلونة، كما قاد منتخب إسبانيا إلى نصف نهائي بطولة يورو 2020. يتميّز إنريكي بالشخصية القوية لاحتواء غرفة الملابس، كما أنه مرن من الناحية التكتيكية وقادر على تطوير المواهب الشابة. ومع ذلك، من غير المتوقع أن يحقق المدرب الإسباني انطلاقة سهلة في ملعب «حديقة الأمراء»، نظراً إلى كمية المشاكل العاصفة بالفريق.
فنياً، خسر الباريسيون ليونيل ميسي وسيرجيو راموس خلال سوق الانتقالات الحالي، وسط ضبابية حول مستقبل كيليان مبابي ونيمار أيضاً.
المدرب الجديد لويس إنريكي مطالب بإعادة هيكلة الفريق مع إبعاد النجوم الكبار


إنريكي مطالب بإعادة الهيكلة مع إبعاد النجوم الكبار للمرة الأولى ربما منذ ترؤس الإدارة القطرية، وهو الأمر الذي من شأنه أن يفتح الأمور على العديد من الاحتمالات. وربما تكون الانطلاقة بطيئة على خلفية بناء هوية جديدة للفريق، أو سيكون هناك تكاتف بين مختلف جهات النادي لبناء منظومة قادرة على تحقيق الحلم المنتظر. وعلى المستوى الإداري، سوف يكون إنريكي تحت وصاية كامبوس، قائد العمليات في سوق الانتقالات.
سبق وأن استقدم كامبوس كل من الجناح الإسباني ماركو أسينسيو، ولاعب الوسط مانويل أوغارتي، كما ميلان سكرينيار في قلب الدفاع، ولاعب الوسط ـ المهاجم «لي كانغ إن» ولوكاس هيرنانديز. صفقات لافتة مع مفارقة بسيطة، أنها جاءت من دون توصية من إنريكي نفسه ما قد يخلّف صعوبة في التوظيف.
سوف يكون إنريكي مطالباً أيضاً باحتواء غضب جماهير النادي، تحديداً «ألتراس PSG»، الذين اعترضوا مراراً وتكراراً على الإدارة في الموسم الماضي، وأطلقوا صيحات استهجان باتجاه المدرب واللاعبين، خاصةً على اللاعب ليونيل ميسي مع نهاية الموسم.
صيفٌ ساخن يعيشه باريس سان جيرمان. الإدارة تعوّل على مدرب لم يكن هدفاً لها في بادئ الأمر، حيث حط إنريكي رحاله في باريس بعد فشل المفاوضات مع مدربين آخرين منهم الألماني جوليان ناغيلسمان.
المشروع الجديد «ضبابي» إلى أبعد الحدود، فهل ينجح إنريكي بما فشل به أسلافه؟ أم يتكرر مسلسل الإخفاق؟ الأسابيع المقبل ستجيب عن الكثير من الأسئلة.