تزداد نفقات الأندية على اللاعبين بشكل «هستيري». أصبح من الطبيعي انتقال لاعب من ناد إلى آخر مقابل 100 مليون يورو. ظهر ذلك جلياً خلال الفترة الماضية، وهذا الموسم ليس استثناءً، إذ انتقل الإنكليزي ديكلان رايس من وست هام إلى آرسنال مقابل 116 مليون يورو، كما جود بلنغهام من بوروسيا دورتموند إلى ريال مدريد مقابل 103 ملايين يورو، مع رغبة برايتون في بيع مويسيس كايسيدو إلى تشيلسي مقابل مبلغ يلامس الـ 100 مليون أيضاً، تبعاً لموقع الإحصاءات «Transfermarkt».مبالغ ضخمة على لاعبين يافعين تُظهر بشكل واضح إعادة هيكلة سوق الانتقالات، فما كان كافياً لبناء تشكيلة كاملة في السابق أصبح غير قادر على شراء لاعب جيد في سوق انتقالات اليوم.
وفي بحثٍ أجراه مرصد «CIES» لكرة القدم، تبيّن زيادة المبالغ التي تدفعها الأندية مقابل استقدام اللاعبين بين موسمَي 2013/2014 و2019/2020 على خلفية التضخم، قبل أن تنخفض بشكل كبير خلال موسم 2020/2021 متأثرةً بتداعيات فيروس كورونا السلبية.
جرى حساب تضخم أسعار اللاعبين على أساس نموذج إحصائي مبني من إجمالي 5244 معاملة مدفوعة أُبرمت، مع الأخذ بالحسبان متغيّرات مختلفة مثل عمر اللاعبين، ومدة العقد، والمنطقة الجغرافية، والأداء...
وعلى مستوى جميع المعاملات المسجلة، بلغ متوسط التضخم السنوي خلال المواسم العشرة الماضية 9%، وبحدّ أقصى 13.8% بين موسمَي 2013/2014 و2019/20، وبحدّ أدنى بنسبة -0.2% خلال المواسم الثلاثة التي أعقبت كورونا.
وفي موسم 2022/2023، سجّلت زيادة جديدة في أسعار اللاعبين، مع تأكيد «CIES» أن مضاربة أندية الدوري الإنكليزي الممتاز الثرية سوف ترفع الأسعار إلى مستويات قياسية في المستقبل القريب.
جرى حساب تضخم أسعار اللاعبين على أساس 5244 معاملة مدفوعة


وأشار البحث الى أن التضخم اختلف تبعاً لمركز كل لاعب، حيث ارتفعت الأسعار بشكل أساسي لقلب الدفاع بنسبة 12.5%، والظهيرين (11.1%)، مقابل (5.2%) لحراس المرمى، و8% لكل من لاعبي الوسط والمهاجمين. كما تم تسجيل فروقات ذات دلالة إحصائية حسب العمر، بحيث تضخّمت أسعار اللاعبين الذين يبلغون 21 عاماً أو أقل بنسبة 12.8% سنوياً خلال العقد الماضي، مقابل 9.8% للاعبين الذين تم نقلهم بين 22 و25 عاماً، و7% لمن تتراوح أعمارهم بين 26 و29 عاماً، و3.6% للاعبين الذين تتجاوز أعمارهم 30 عاماً.
أصبح التضخم بمثابة مشكلة حقيقية أمام الأندية، وخاصةً تلك التي لا تلقى عائدات موسمية مرتفعة، أمثال فرق الدوري الإيطالي. وفي ظل الصفقات الباهظة، تصاعدت الخشية من تأثيرات التضخم على كيفية إدارة الأندية لأمورها المالية، حيث يكون هناك حوافز مختلفة عندما يتعلق الأمر بالانتقالات بين الأندية البائعة والمشترية.
دائماً ما تحدث مشاكل حول المبلغ المقرر دفعه عند التفاوض على صفقةٍ ما وكيفية التسديد. يرغب الفريق البائع عادةً في الحصول على الجزء الأكبر من الأموال مقدّماً تفادياً لتداعيات التضخم، فيما يفضّل الشاري توزيع المدفوعات على أقساط. يعود ذلك إلى انخفاض القيمة المسجلة في الدفاتر المحاسبية مستقبلاً، مع التأثير على إطفاء الخسائر. فعندما يشتري نادٍ لاعباً ما، يتم توزيع المدفوعات عموماً على طول العقد المُبرم. على سبيل المثال، إذا كان هناك لاعب للبيع بقيمة 40 مليون يورو، تتوزع أقساط بيعه بقيمة 10 ملايين يورو في السنة، وبفعل التضخم، فإن الدفعة الأخيرة التي تصل في غضون ثلاث سنوات تكون قيمتها أقل بكثير من الدفعة الأولى، وهو ما يُفيد النادي المشتري لأنه يدفع فعلياً أقل.

حلول ملموسة
في ظل تداعيات التضخم السيئة على أسعار اللاعبين، أصبح لزاماً على رؤساء اللعبة التدخل منعاً لتفاقم الأوضاع في المستقبل القريب. في هذا الصدد، صرّحت الهيئة الحاكمة لكرة القدم الأوروبية «UEFA» بأنها «تعمل مثل رجال الإطفاء» لمحاربة التكاليف الباهظة.
من جهته، قال مدير المشتريات في الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، فرانشيسكو باسو، إن «UEFA» تتواصل بشكل أوثق مع الموردين بهدف تضمين بعض البنود في العقود لتقليل الحدّ الأدنى من مخاطر التضخم.
ومع سعي «UEFA» لإدخال لوائح جديدة تمنع بموجبها تداول اللاعبين مقابل رسوم تتجاوز قيمتهم السوقية الحقيقية، كما قيامها بتعديلات على قواعد اللعب المالي النظيف بالتوازي مع السعي لوضع حدّ أقصى للرواتب وإنفاق التحويل، من المتوقّع أن يتمّ التحكم أكثر بحجم تضخم أسعار اللاعبين مستقبلاً.