هناك «هوس» في الشرق الأوسط بكرة القدم، يشابه «هوس» اللاتينيين باللعبة. رغم ذلك، قلّة هم اللاعبون الشرق أوسطيّون الذين حطّوا رحالهم في كبرى الدوريات الأوروبية، وعندما يتعلّق الأمر بعرب المنطقة، تكاد الأرقام أن تكون معدومة.الأمر لا يرتبط بحجم الموهبة. يكفي المرء أن يطلّ من شرفة منزله ليرى مواهب شبيهة بتلك المنتشرة في شوارع ريو دي جانيرو، أو أن يذهب إلى ملعب عشب اصطناعي حتى يتراقص مع سامبا كروية مهجّنة في «ماراكانا» مصغّر. ولكن، ما نفع موهبة دون إمكانات وحوافز؟ دون وجود ملعب يرقى إلى تنمية هذه الموهبة؟ دون وجود كشّافة وقيّمين يرغبون في تطوير اللعبة؟ قد يكون من المجحف إسقاط هذه المعايير على المنطقة كلها، غير أن واحداً أو اثنين على الأقل حطّما أحلام العديد من اللاعبين الموهوبين. ومع ذلك، تجرّأ آخرون على الحلم وخطفوا الأضواء. آخر الحالمين هو موسى التعمري، أو كما تناديه الجماهير: «ميسي الأردن». وُلد موسى التعمري في العاصمة الأردنية عمان (10/6/1997) وتدرّج في نادي شباب الأردن منذ سنّ الثامنة، وصولاً إلى الدوري الفرنسي. لم تكن الطريق معبّدة نحو «ligue 1»، إذ إن حلم الموهوب الأردني اصطدم بالعديد من العقباتّ تمثّلت أولاها بالموقع الجغرافي. أرادت عائلة موسى من ابنها التركيز على الدراسة لأنه «سيكون من الصعب أن أعيش حلمي في الأردن»، تبعاً لتصريحات نشرها موقع الدوري الفرنسي عن لسان اللاعب. ومع ذلك، أصرّ التعمري على «القتال»، فتسلّق السلّم مع شباب الأردن وانتهى به الأمر في الفريق الأول بعمر الـ 19.
بعد عام، تمت إعارته إلى نادي الجزيرة الأردني، حيث شارك بمباريات في كأس الاتحاد الآسيوي. 6 أهداف سجّلها التعمري في 7 مباريات كانت كفيلة لجذب اهتمام العديد من الفرق النخبوية إقليمياً وعالمياً، قبل أن ينتهي به الأمر مع نادي أبويل نيقوسيا القبرصي في صيف 2018 بعقد مدته ثلاث سنوات. فاز الجناح الأردني مع أبويل بلقب كأس السوبر القبرصي 2019 ولقب دوري الدرجة الأولى 2018–2019، ليحصل بعدها على جائزة أفضل لاعب في الدوري. وزادت شهرته تباعاً إثر المشاركة في بطولتَي دوري أبطال أوروبا والدوري الأوروبي. وفي 5 تشرين الأول 2020، انضم التعمري إلى نادي الدرجة الأولى البلجيكي «أو إتش لوفين» بعقد مدته ثلاث سنوات، قبل أن يوقّع مع مونبيلييه الفرنسي هذا العام.
أداء كبير يقدمه اللاعب الأردني في الدوري الفرنسي جعله حديث الصحف أخيراً. يتميز التعمري بالقوة البدنية والسرعة والمراوغة مع توفيقه بين اللعب الفردي والجماعي، وهو قادر على شغل أكثر من مركز في المقدمة. مستوى لافت أضاء أكثر على الأردن والمنطقة بشكل عام، وهو ما يأمل به اللاعب نفسه بقوله لموقع الدوري الفرنسي: «لدينا الكثير من اللاعبين الجيّدين للغاية. الأندية الأوروبية لا تشاهد المباريات في الأردن. إذا أتوا لمشاهدتنا، فسوف يستقدمون الأردنيين». ثم أردف «من وظيفتي أيضاً إظهار ما يستطيع الأردنيون فعله». وبالحديث عن المنتخب، أشار التعمري إلى تحسّن الأداء تبعاً للعديد من الأمور؛ على رأسها المدرب الجديد، المغربي حسين عموتة، فيما أكّد أن الهدف يتمحور حالياً حول التأهل إلى كأس العالم المقبل 2026 بعدما أوقعت القرعة منتخب الأردن في مجموعة مع السعودية وطاجيكستان والفائز بين باكستان ضد كمبوديا.