تغيرت الأمور رأساً على عقب في باير ليفركوزن. كان الفريق يصارع ضمن المراكز المتأخرة خلال الموسم الماضي، ما رجّح توقيع النادي مع مدرب صاحب خبرة ليحل مكان المدير الفني السابق جيراردو سيواني. ومع ذلك، فاجأت الإدارة الجميع واختارت «المقامرة» عبر تعيين الإسباني تشابي ألونسو على رأس العارضة الفنيّة، وهي الوظيفة الأولى له كمدرب في نادٍ محترف. المدرب الشاب يعرف الكرة الألمانية جيداً بعد أن لعب لصالح بايرن ميونيخ مواسم عدة. بعد بدايةٍ صعبة خلال الموسم الماضي، نجح ألونسو الذي وصل إلى الفريق في تشرين أول 2022 في قيادة ليفركوزن إلى سلسلة انتصارات رفعت الفريق بعيداً عن منطقة الهبوط ليحتل المركز الثالث في نهاية المطاف. إضافةً إلى ذلك، وصل ليفركوزن إلى الدور نصف النهائي في بطولة الدوري الأوروبي.تحوّل مثير للإعجاب جاء بعد اتباع ألونسو خطوات عدة. أدرك المدرب الإسباني فور استلامه المنصب مدى هشاشة الفريق في الخط الخلفي، فاعتمد إلى حد كبير خطة 3-4-3 لضمان التماسك بدون كرة. خطة أثبتت نجاحها من خلال انخفاض نسبة الأهداف المسجّلة في شباك الفريق. النجاح الثاني تمثّل عبر قيادة وتطوير العناصر الشابة من خلال إعطائهم الثقة للمشاركة. وقف ألونسو إلى جانب نجومه الشباب وقد ردوا بالمقابل إيمانهم به، يعكس ذلك تصريح سابق لنجم الفريق الشاب فلوريان فيرتز بقوله: «يمتلك ألونسو معرفة واسعة. هو شخص يمكنك أن تقتدي به».
هكذا، فاجأ المدرب الإسباني الشاب الجميع مع ليفركوزن في أولى مواسمه. مسار جذب كبار الأندية الأوروبية للتوقيع مع ألونسو، مثل ريال مدريد وتوتنهام وباريس سان جيرمان، غير أن الإسباني مدّد عقده حتى عام 2026 لينهي بذلك الجدل حول مستقبله ولو مؤقتاً.
بعد الاستقرار الفني، فرض الفريق نفسه في سوق الانتقالات الحالي كأحد أفضل الناشطين. ليفركوزن معروف بإنتاج وتطوير المواهب الشابة ذات المستوى العالمي، ولكن هذه المرة عدّل النادي تركيزه قليلاً وجلب مجموعة من اللاعبين أكثر «نضجاً».
أصبح واضحاً تحوّل ليفركوزن إلى فريق أكثر نضجاً وتوازناً هذا الموسم

في بادئ الأمر، تخلص الفريق من بعض العناصر «الفائضة» كما باع جناحه الموهوب موسى ديابي لنادي أستون فيلا الإنكليزي مقابل 55 مليون يورو، واستخدم هذه الأموال لتمويل أكثر من خمسة لاعبين جدد أبرزهم غرانيت تشاكا (15 مليون يورو من آرسنال)، فيكتور بونيفاس (20.5 مليون يورو من روايال يونيون سانت-غيلواز)، جوناس هوفمان (10 ملايين يورو من مونشنغلادباخ) وأليخاندرو غريمالدو (انتقال مجاني من بنفيكا). وتمكنت الإدارة من الحفاظ على باقي النجوم الشابة أمثال فلوريان فيرتز وجيريمي فريمبونغ وإدموند تابسوبا وبييرو هينكابي، وسط نجاحٍ مميز يضاهي الإبقاء على المدرب الواعد تشابي ألونسو. التميّز في فترة الانتقالات والتحضيرات انسحب إلى بداية الموسم، حيث بدأ ليفركوزن مشواره في الدوري بالفوز على لايبزك (بطل كأس ألمانيا) بهدفين نظيفين، ثم أرفقه في ثاني الجولات بانتصار آخر جاء هذه المرة على أرض بوروسيا مونشنغلادباخ (3-0). وهو اليوم يحتل المركز الثالث في الترتيب.
أصبح واضحاً تحوّل ليفركوزن إلى فريق أكثر نضجاً وتوازناً هذا الموسم رغم مرور جولتين فقط من عمر الدوري الألماني. المؤشرات واعدة للغاية بالنسبة إلى ألونسو وفريقه، لكن سيكون لديهم تحديات يجب التغلب عليها. من المرتقب رؤية مدى قدرة ألونسو على تدوير فريقه بشكل فعال لضمان القدرة على المنافسة. ويبدو ليفركوزن مستعداً لانتزاع مركز مؤهل إلى دوري أبطال أوروبا على أقل تقدير.