سحر ليونيل ميسي لا ينتهي. هو النجم الذي لا يزال يخطّ أجمل القصص على أرض الملعب بعدما كتب أجمل رواية في كأس العالم 2022، ما وضعه مجدداً على رأس قائمة أبرز المرشحين للفوز بجائزة الكرة الذهبية التي سبق أن حملها 7 مرات. كثيرون تعاطفوا مع ميسي دائماً، واعتبروا أنه الأفضل بلا منازع، وهو ولا أحد سواه يستحق أي جائزة فردية ترشّح لها. هم أصابوا في مناسباتٍ عدة، إذ إن ليونيل أبهر العالم لفترةٍ طويلة جداً، وبات اسمه مرادفاً لكل الجوائز، لكن هذه المرّة يفترض أن تأخذ الأمور منحى آخر على اعتبار أن هناك مؤشرات كثيرة تترك انطباعاً وربما اقتناعاً بأن النروجي إيرلينغ هالاند هو من يستحق القبض عليها هذه المرة، ليطلق حقبة جديدة في عالم كرة القدم.
محطّم الأرقام وملكها
أحقية هالاند في الحصول على الكرة الذهبية تنطلق مما فعله منذ بداية الموسم الماضي وامتداداً الى بداية الموسم الحالي، فهو كان السبب الرئيس في فرض مانشستر سيتي سيطرته على كل البطولات، إذ يكفي أنه سجل 52 هدفاً في 53 مباراة، ليفوز «السيتيزنس » بالدوري الإنكليزي الممتاز، كأس إنكلترا، والأهم دوري أبطال أوروبا، وهي المسابقة التي صرف الكثير من الأموال للتتويج بها، لكنه عجز مراراً حتى وصول المقاتل النروجي الذي توّج هدافاً لها بـ 12 هدفاً، ليحمل فريقه الى أول لقبٍ أوروبي كبير في تاريخه.
هو صنع التاريخ بالفعل منذ وصوله الى إنكلترا عندما شرع في تحطيم أرقام نجومٍ كبار، مسجلاً 9 أهدافٍ في أول 5 مبارياتٍ خاضها، ومن ثم أسرع 3 ثلاثيات «هاتريك» في التاريخ، موقّعاً عليها في 8 مباريات فقط، محطماً رقم مايكل أوين الذي احتاج الى 48 مباراة مع ليفربول لتحقيق هذا الإنجاز!
كما محا رقم الأرجنتيني سيرجيو أغويرو كأكثر لاعبٍ سجّل للسيتي في الدوري في موسمٍ واحد، قبل أن يلغي رقماً صمد 28 عاماً بحوزة ألن شيرر وأندي كول (34 هدفاً) بتسجيله 36 هدفاً في 35 مباراةً (بينها 32 أساسياً) خاضها في «البريميير ليغ».
أحقيّة هالاند في الحصول على الكرة الذهبية تنطلق مما فعله منذ بداية الموسم الماضي


أكثر من كأس العالم
الواقع أن ما حققه هالاند على مدار سنةٍ كاملة يتخطّى بحجمه ما فعله ميسي في كأس العالم حصراً. صحيح أن الأرجنتيني صنع تاريخاً جديداً للأرجنتين بحملها الى لقبٍ مونديالي ثالث، لكن هالاند أيضاً غيّر تاريخ إنكلترا وناديه الذي ذهب مدربه الإسباني جوسيب غوارديولا حتى الى تغيير مراكز الكثير من لاعبيه من أجل أن يخلق طريقة لعبٍ تتكيّف مع أسلوب هالاند، ليواصل تسجيل الأهداف بغزارة، وهو ما حصل بعدما تحوّل الشاب الى عاملٍ حاسم في العدد الأكبر من المباريات.
في المقابل، ماذا فعل ميسي طوال الموسم وقبل الوصول الى كأس العالم؟
بعيداً من إحراز باريس سان جيرمان لقب الدوري الفرنسي، وهو أمر منطقي بالنظر الى الفوارق الفنية والمادية بينه وبين الفرق الأخرى، أقصي فريق ميسي من دور الـ 16 في كأس فرنسا، ومن الدور عينه في دوري أبطال أوروبا، حيث غاب الأرجنتيني كليّاً في المواجهتين أمام بايرن ميونيخ بطل ألمانيا.
كل هذا حوّل حياة ميسي الى كابوس في باريس، حيث واجه صافرات الاستهجان من قبل جماهير فريقه، ومن ثم اصطدم بالإدارة بعدما غاب عن التمارين بسبب رحلةٍ تسويقية خاصة الى السعودية.
الأمر الوحيد الذي تفوّق به ميسي على هالاند هو الفوز بكأس العالم التي لم يتأهل إليها منتخب بلاده منذ عام 1998. لذا قد تسقط المقارنة في مكانٍ ما لأن الاثنين مثلاً شاركا في «التشامبيونز ليغ»، لكن واحداً منهما فقط لعب كأس العالم. أَضف إنه قد لا يكون عدلاً اختصار ما فعله أحدهما طوال موسمٍ واحد مقابل 7 مباريات فقط ولو أن هذه المباريات جاءت في البطولة العالمية الأشهر.
بطبيعة الحال، قد لا تتأهل النروج يوماً الى بطولةٍ كبيرة، فهل هذا يعني أن هالاند لن يملك أيّ حظوظ للفوز بالكرة الذهبية خلال مسيرته؟
الواقع أنه يجب الفصل بين كل ما يرتبط بهذه المنافسة المستجدة التي لن تطول أصلاً، على اعتبار أن مشوار أفضل لاعب في التاريخ انتهى عملياً في أوروبا بعد انتقاله الى الولايات المتحدة، وهو آخر ترشيح له لجائزة الكرة الذهبية وغيرها، ما يعني أنه مهما كانت نتيجة التصويت النهائي، فإن المستقبل هو لإيرلينغ هالاند، والذكرى الجميلة الدائمة تحمل اسم ميسي الذي يفترض على هالاند والكثيرين سواه أن يتفوّقوا على أنفسهم لكي يحاولوا التفوّق على ما فعله حاصد الكؤوس والجوائز ليونيل ميسي.