الثامنة «تحصيل حاصل»، واستحقها ليونيل ميسي اكثر من غيرها. هو كلامٌ قد لا يوافق عليه كثيرون، لكن الواقع انه كان من الطبيعي ان يفوز النجم الأرجنتيني بجائزة الكرة الذهبية هذه المرة ايضاً، وذلك بعدما رسم ملحمة هوليوودية انتهت بكأسٍ عالمية ثالثة طال انتظارها بالنسبة الى بلاده.
حمل ميسي الكرة الذهبية للمرة الأخيرة في مسيرته (أ ف ب)

وكما اراد الكل رؤية ميسي في آخر مشاركة مونديالية له (ربما)، متوّجاً بالذهب الذي سعى اليه منذ اليوم الاول لارتدائه قميص المنتخب الارجنتيني، ارادت الاكثرية التي صوّتت له ان تراه مرةً اخيرة حاملاً تلك الجائزة التي لم تعجّ بها خزانة جوائزه، وما اكثرها.
هو مشهد كلاسيكي جميل، وجماله اختُصر في كل مرة باستعادة المشاهد الرائعة لما فعله «البرغوث» طوال سنةٍ كاملة. والسنة الماضية هو أخرج اكثر مشهدٍ كلاسيكي منتظر في عالم الكرة: ميسي ينتصر وتحمله الجماهير على الاكتاف ويرفع كأس العالم.
الواقع انه بعد هذا الانجاز، الكرة الذهبية هي من يجب ان تفخر بأن ميسي حملها مرةً اخيرة بسبب فوزه باللقب الأكبر في عالم الكرة، والذي يختصر انجازات كثيرة حققها اي لاعبٍ آخر طوال موسمٍ كامل.

ميسي الى ما لا نهاية
بالفعل ميسي الى ما لا نهاية، وهو الشعار الذي اختاره المنظمون لتتويج «ليو» مرةً جديدة، وكأنهم يقولون هو سيستحقها دائماً، وهو يجب ان يفوز بها دائماً. هم كأنهم نسخوا كلام مدربه السابق في برشلونة الاسباني جوسيب غوارديولا عندما قال: «عليهم ان يقدّموا جائزتين دائماً: واحدة لميسي واخرى للاعبين الآخرين».
استحقها ميسي اكثر بعد تسلّمه لها، فهو بتواضعٍ كبير لم يربط هذه الجائزة به بل بمجموعة اللاعبين الذين ساندوه للوصول اليها مجدداً، وتحديداً لاعبي المنتخب الارجنتيني الذين بدوا وكأنهم يلعبون ويضحون من اجل قائدهم فكانت النتيجة مرافقته الى المجد تماماً كما رافقوه على ارض الملعب، مسانديه له واحياناً «رجال حماية» مانعين اي احد من الاقتراب منه او اذيته.
هم رفعوا حجم المسؤولية عليه في كل مرّة، وهو في النهاية رفعهم الى اعلى مستويات عالم الكرة.

الأفضل عبر التاريخ
هذا العالم الذي تسمّر نجومه هناك في احد اشهر مسارح باريس يستمعون الى الكلمات الاخيرة لميسي في آخر محطة تتويج بالكرة الذهبية، فحكت وجوههم التي ارادت حفظ هذه اللحظة الكثير.
هي لحظةٌ مهمة بلا شك سيتذكرون فيها أنهم تواجدوا لوداع الأفضل عبر التاريخ لعرشه. منهم من كان سعيداً ولو ان كثيرين اعتبروه مظلوماً، امثال العملاق النروجي إيرلينغ هالاند الذي قاد مانشستر سيتي الانكليزي للفوز بكل الالقاب الممكنة في الموسم الماضي، ومنهم من كان شاحب الوجه، امثال النجم الفرنسي كيليان مبابي الذي سحب منه ميسي لقب كأس العالم، وتالياً الكرة الذهبية، وذلك بعدما احتكر ايضاً قسماً كبيراً من النجومية منه عندما لعبا سويّاً في باريس سان جيرمان.
لأن لا لقب أكبر من كأس العالم فاز ميسي بالكرة الذهبية الثامنة


الواقع ان الحفل الاخير بالتحديد حدّد خلفاء ميسي من خلال نقل الصورة المتنقلة في فتراتٍ عدة لتعكس تعابير وجوههم وهم يرون ذاك النجم الرائع واقفاً مجدداً على مسرح الأفضل.
هالاند، مبابي، وايضاً النجم الانكليزي الشاب جود بيلينغهام سيتأهبون لوراثة العرش، ولو ان الكثيرين يؤمنون بأنه لو أكمل ميسي المشوار هذا الموسم في اوروبا، وفي المكان المناسب كناديه السابق برشلونة، فإنه كان لينافس على الجائزة مجدداً، لكن بمجرد اختياره الذهاب للعب في الولايات المتحدة، فهذا يعني بأن اراد تسليم الراية لنجمٍ وافدٍ آخر.
ستفتقد تلك الحفلات الضخمة الخاصة بالجوائز الفردية العالمية ليونيل ميسي، لكن اسمه لن يغيب عنها ابداً، وهي اذ كانت رائعة في نسختها الاخيرة، فقد عادت مع حمل «ليو» للكرة الذهبية لتذكرنا بمرارة ان نهاية مسيرة هذا النجم الكبير اصبحت واقعاً لا مفرّ منه.