منذ تصفيات كأس العالم 2014 ومع بلوغ نهائيات كأس آسيا 2019 والنسخة المقبلة في قطر، أصبح منتخب لبنان مطالباً بعدم توديع أيّ تصفيات بشكلٍ مبكر. وينسحب هذا الأمر على التصفيات التي سيفتتحها الخميس، وخصوصاً بعد العمل الحثيث لإحداث التغيير الكفيل بالتطوّر، وتأمين كل ما يلزم للاعبين والجهاز الفني من أجل تحقيق النتائج المرجوّة.لكن وكما في كل مرّة ومع التطوّر الذي أصاب غالبية المنتخبات الآسيوية، لا تخلو المهمة من الصعوبة، ولو أن هذا الأمر يبدو معروفاً في مكانٍ ما سلفاً على غرار مواجهة المنتخب الأسترالي الذي سيفرض التحدي الأقوى على اللبنانيين ضمن مجموعتهم.
أستراليا بلا شك هي المنتخب الأقوى. وهنا الحديث عن رفعة مستوى المنتخب الأسترالي بين أقرانه الآسيويين لا ضمن المجموعة الخاصة بالتصفيات فقط، فهذا المنتخب الذي يحتل المركز الـ 27 عالمياً، يبدو مرشّحاً منطقياً لتصدّر المجموعة، وهو الذي يضمّ كوكبة من اللاعبين "العالميين" ينشط معظمهم في الأندية الأوروبية بحيث إن تشكيلة المدرب غراهام أرنولد التي اختارها لمواجهة بنغلادش وفلسطين في أول مباراتين في التصفيات لم تضم أكثر من 5 لاعبين محليين.
وبالنظر إلى إمكاناته الفنية الكبيرة، ورصده التأهل إلى كأس العالم، بدأ المنتخب الأسترالي بالفعل التحضير لحملته من خلال مباريات جمعته مع منتخباتٍ قوية خلال السنة الحالية حيث قابل على التوالي منتخبات الإكوادور، الأرجنتين، المكسيك وإنكلترا.
يفتتح لبنان مشواره في التصفيات الآسيوية - المونديالية الخميس في مواجهة فلسطين


فلسطين وبنغلادش افتتاحاً
وعند وضع منتخبات المجموعة في ميزان القوى، يكون المنتخب الفلسطيني هو ثاني أقوى المنتخبات بعد "السوكروز".
منتخبٌ يخرج من رحم المعاناة مجدّداً باتجاه الساحة القارية لخوض التصفيات الآسيوية، وهو الذي لم يكن يشبه يوماً أياً من المنتخبات التي يواجهها، إذ لطالما عانى على مختلف الأصعدة للتجمّع وخوض المباريات، لكن رغم ذلك تأهّل إلى نهائيات كأس آسيا للمرة الثالثة في تاريخه والثالثة على التوالي.
لذا يمكن القول إن المنتخب الذي سيواجهه "رجال الأرز" الخميس في الشارقة لن يكون سهلاً أبداً، لا بل هو بحجم كثير من المنتخبات التي ستتنافس في البطولة القارية التي تقام في قطر مطلع السنة المقبلة.
هناك سيلعب الفلسطينيون في دور المجموعات مع إيران، الإمارات وهونغ كونغ. لذا يعرفون تماماً أنهم دخلوا مرحلة الجدّ، ما يجعلهم يضعون كل ثقلهم لإيفاد رسائل إلى منافسيهم المقبلين، ولو أنهم ليسوا في أفضل حالاتهم النفسية.
هنا يكفي الكفاح الذهني الذي عاشوه ولا يزالون للعب بالتصفيات المؤهّلة إلى آسيا والمونديال، فالمعاناة لا تخصّ فقط لاعبي كرة القدم الذين يرتبطون بشكلٍ أو بآخر بغزة وغيرها من الأراضي المحتلة التي تعاني من العدوان الإسرائيلي، بل حتى القادمون للالتحاق بالمنتخب من الخارج، يشعرون بلا شك بضغوط ومسؤولية كبيرة انطلاقاً من سعيهم الكبير إلى تحقيق شيء إيجابي يمكن أن يفرز فرحةً ولو بسيطة في زمن الآلام التي يعيشها الشعب الفلسطيني.

(طلال سلمان)

وبغضّ النظر عن أن هناك قسماً كبيراً من لاعبي "الفدائي" ينشطون في أوروبا والخليج وشرق آسيا وحتى في أفريقيا وأميركا اللاتينية، تبقى الخطوة الأساسية ناقصة وهي جمع اللاعبين في فلسطين المحتلة أو حتى في بلد آخر لإقامة معسكرٍ تدريبي بتشكيلة كاملة.
في هذا السياق، لم يكن مستغرباً انسحاب المنتخب الفلسطيني من دورة ميرديكا الدولية في ماليزيا الشهر الماضي، فكان أقصى ما استطاع القيام به قبل لقاء لبنان هو الذهاب قبل أسبوع تقريباً لإقامة معسكر تحضيري في الأردن لكن من دون اللاعبين المحترفين غير المحرّرين قبل فترة التوقف الدولي.
إذاً هي معاناة بلا نهاية منذ سنوات طويلة أمام ظلم وبطش الاحتلال الذي ضرب الكرة الفلسطينية مراراً على مختلف المستويات، الأمر الذي جعل فلسطين خصماً صعباً للبنان، وخصوصاً في ظل سعي وإصرار رجال "الفدائي" أكثر من أي وقتٍ مضى للظهور بصورة الأبطال المنتظرين لإفراح شعبهم والكثير من الشعوب التي تدعم قضيتهم.
ويبقى الخصم الثالث، وهو منتخب بنغلادش، أضعف فرق المجموعة الذي يحتل المركز 183 عالمياً، وقد سبق للبنان مواجهته في تصفيات كأس العالم مرتين في شهر تموز من عام 2011، ففاز في بيروت (4 ـ 0)، وخسر في بنغلادش بهدفين نظيفين بطريقةٍ لم يكن لها أيّ تفسير عامذاك.
أما اللقاء الأخير بين الطرفين فكان في تموز الماضي حيث فاز لبنان (2 ـ 0) في بطولة اتحاد جنوب آسيا، ما يجعل النقاط الكاملة للمواجهتين المقبلتين مع بنغلادش في المتناول، ويُفترض من دون أي مشاكل أو تعقيدات.