إذا كان هناك ما يحتاجه الأنصار في المدة الحالية فهو مدرب بشخصية يوسف الجوهري. الرجل المثقّف كروياً والهاوي للانضباط والمنظّم إلى أبعد الحدود هو أفضل ما يمكن أن يجده الفريق البيروتي لترتيب أوضاعه وأوراقه لكي لا يفوته قطار التأهل إلى سداسية الأوائل.بعد تجربةٍ أجنبية جديدة مع المدرب المغربي إدريس المرابط، وجد الأنصار ضالته في الجوهري الذي بادر إلى مقاربة الأمور فوراً بصراحته المعهودة حتى قبل تسلّمه مهامه أي خلال تفاوضه مع الجهات الإدارية ثم في اللقاءات التمهيدية التي جمعته مع فريق العمل حيث كان بإمكانه أن يجلب مساعديه كأي مدرب، لكنه لم يمانع بقاء الأسماء الموجودة «لأن أي مدرب يطمح أن يكون إلى جانبه هؤلاء المدربين الذين يتمتعون بأخلاقيات العمل والثقافة الكروية المطلوبة».
الجوهري بطبيعته يركّز على الجوانب التنظيمية التي اكتسب خبراتها عبر انغماسه في أعلى مستوى من الدورات التدريبية، لذا بدأ مشواره في أروقة نادي الأنصار بإلقائه محاضرة حول النظام الذي يجب اتباعه وطريقة العمل التي سيعتمدها، وهو عقّب في حديثه إلى «الأخبار» حول هذه النقطة بالقول: «يحتاج نادي الأنصار فقط إلى جديّة أكبر وانضباطٍ أكثر ونظام يحكم عمل الكل لكي يعرف كل فردٍ المساحة التي يجب أن يعمل ضمنها بعيداً من الولوج إلى مهام غيره، ما سيفرز إيجابيات لا محالة، وهذا ينطبق على الكل من فنيين وإداريين ولاعبين».

انطباع أوّل إيجابي
وعند الكلمة الأخيرة يمكن التوقف، إذ إن «الأخضر» يضمّ كوكبةً من نجوم اللعبة، لكنه يقف اليوم في المركز الرابع على لائحة الترتيب العام بفارق 6 نقاط عن صاحب الصدارة، وهو مركزٌ لا يعكس بالتأكيد إمكاناته الحقيقية التي خوّلته المنافسة على اللقب حتى المرحلة الأخيرة في الموسم الماضي. وفي هذا الإطار يشيد الجوهري بالعناصر الموجودة لديه، قائلاً: «بالنسبة إلى اللاعبين أستطيع القول إن أي مدربٍ في لبنان يتمنى أن يعمل مع تلك النوعية الموجودة في الأنصار، فما لدينا هم عماد المنتخب الأول (يُنتظر أن يضاف إليهم الدولي محمد الدهيني) والمنتخب الأولمبي، ما يجعل فريقنا بين أفضل فرق الصف الأول على هذا الصعيد».
ويضيف: «خضنا مباراة ودية أمام الشباب الغازية، وأذهلتني السرعة الهائلة في تلقي اللاعبين للفلسفة الجديدة والتكتيك الجديد منذ المباراة الأولى، وهذا الأمر مردّه إلى نوعية العناصر التي تملك الخبرة والعقلية المثالية. الأكيد أن الجو مبشّر وما اختبرته في أول 90 دقيقة مع الفريق يدفعني إلى القول بأننا سنحتاج إلى وقتٍ قصير لنصل إلى ما نصبو إليه».
مهمة غير بسيطة تنتظر الجوهري بعد تسلّمه تدريب الأنصار


مرحلتان حاسمتان للأنصار
ولا يخفى أن ما ينتظر الجوهري ليس بالأمر البسيط، إذ إن المرحلتين المتبقيتين من عمر الدوري المنتظم تضع الأنصار أمام تحدٍّ قوي لناحية تأمين مكانٍ في السداسية «لذا لا مجال أمامنا للقيام بتغييرات جذرية قبل الدخول إلى المرحلة المقبلة. بعدها لا بدّ من تغيير الشخصية في الملعب وخارجه». ويتابع: «بعد السداسية الكل أمام المحك، فتذبذب النتائج عادةً يصيب المدير الفني مباشرةً، لكن ما سنذهب إليه هو القيام بتغييرات وفق العطاء، وقد أعطتنا الإدارة الصلاحيات للقيام بالمطلوب منذ البداية بحيث أن لا «فيتو» على أحد وليس هناك أحد لا يمكن المساس به».
ويعتبر الجوهري أن مشكلة الأنصار ليست معقّدة «إذ لدينا لاعبين مميّزين جداً ويعرفون حجم مسؤولياتهم. كما الأهم أنهم مؤمنون بشخصي وبأفكاري، لذا ومع الانضباط التكتيكي واستعادة الثقة بالنفس ستشاهدون فريقاً أفضل بلا شك».
ويتوقف المهاجم السابق عند مسألة الانضباط وأاهميتها فيقول: «الأنصار كما كل الفرق التي تابعتها، فهي بحاجة كلّها إلى الانضباط التكتيكي. هناك فرق تعمل ببعض الانضباط، وأقول بعض لأننا نلامس الاحترافية لا أكثر. الكل يحمل مسؤولية في هذا الإطار».

يوسف الجوهري (فادي مرق)

«الدربي» بالانتظار
وعن المباراتين المقبلتين أمام الراسينغ والنجمة توالياً، يشرح: «بعد هاتين المباراتين سنشخّص أي خلل ونضع له الحلول اللازمة على أن نعزّز الإيجابيات سنعزّزها للعبور إلى المرحلة المقبلة». ويضيف: «لن أخفي شيئاً عن جمهور الأنصار والرأي العام بل سنسرد التفاصيل للإفادة العامة لأنه لدي إيمان بأن أي تجربة تستحق التعميم والكل يجب أن يستفيد من تجربة الآخرين، وهذا ما أفعله بدلاً من وضع علامات انتقاد».
وأبدى الجوهري ترقّبه كما الجميع لـ«دربي بيروت»، قائلاً: «العين على مباراة النجمة وأنا أحب هذا النوع من المباريات ضد الكبار حيث اعتدت على تحقيق نتائج جيدة، فالأفضل عندما تلعب أمام منافس منظّم لأن قراءة المباراة تكون أسهل».
بكل الأحوال لا يُخفى أن المدير الفني الجديد سيكون مطالباً بإحراز اللقب، وهو السؤال الأول الذي طرحه على رئيس النادي النائب نبيل بدر «وقد حصلت على جواب واضح مفاده: نعم نريد الفوز بالبطولة. هو برأيي طلب منطقي لأن نادياً مثل الأنصار لا يمكن أن يفكّر إلا بالكؤوس. البعض قد يقول إن هذه مسألة ضاغطة، لكن هذا الضغط تحديداً أريده لأنه سيزيد من العمل ويضعنا أمام مسؤوليتنا للسهر والتعب. الخلاصة أن التوفيق والإصرار على العمل سيوصلانا إلى ما نصبو إليه لأنه ما من أحد عمل ولم يصل. كان هدفي الأول مذ بدأت مدرباً قبل 10 أعوام هو تدريب بطل لبنان، وهذا ما أضعه نصب عيني الآن».