مع بداية العام الجديد، يتأهّب اللاعبون الأفارقة والآسيويون للمشاركة رفقة منتخبات بلادهم. حركة "نزوح" مؤقتة أثارت الجدل مراراً في القارة العجوز، وسط اعتراضٍ معتاد من أنديتها على حساسية توقيت مسابقتَي كأس الأمم الأفريقية وكأس آسيا، ومدى تأثير غياب اللاعبين على المسار المحلي.ورغم الشكاوى المكرّرة، تبدو المسألة أقل صخباً هذه المرة، إذ يخلو الوسط الرياضي من اعتراضات الفرق، وعلى خلاف العادة، الحملات الممنهجة من الصحافة الأوروبية على البطولتين المُرتقبتين، تحديداً الأفريقية.
تأقلمت أندية القارة العجوز ربما، مع فكرة افتقاد لاعبيها في وقتٍ حساس. فمن شرب مياه بحر الاتحاد الدولي المالحة عند إطلاقه كأس العالم الأخيرة، ومباريات دولية أخرى، في نصف الروزنامة الكروية للأندية، فلن يغصّ في "ساقية" البطولتين المُرتقبتين.
ورغم أحقية الاتحادَين (الأفريقي والآسيوي)في إقامة البطولات، إلا أن ذلك لا يعني عدم وجود تداعيات وخيمة على الأندية الأوروبية، التي تعجّ صفوفها بمواهب القارتين.
في إنكلترا مثلاً، من المترقب غياب عشرات لاعبي الدوري الممتاز للمشاركة ضمن بطولتَي كأس الأمم الأفريقية وكأس آسيا، ما يعني خسارة بعض الفرق نجومها في وقتٍ تزدحم فيه المباريات دون وجود راحة كافية، أمثال ليفربول الذي سوف يفتقد المصري محمد صلاح، وتوتنهام الذي سيفتقد سون هيونغ مين، كما الحال رفقة برايتون مع لاعبه كاورو ميتوما...
قد يستفيد مانشستر سيتي من الوضع نظراً إلى عدم احتواء منظومته لاعبين أفارقة أو آسيويين مؤثّرين


في المجمل، من المنتظر استدعاء قرابة 50 لاعباً دولياً من "بريميرليغ" للمشاركة في البطولتين، على أن يغيبوا 4 مباريات عن الدوري. بالطبع، ستتأثر بعض الفرق أكثر من غيرها، تبعاً لمركزها في الجدول ومدى أهمية هؤلاء اللاعبين، في حين أن غياب البعض، مثل المهاجم نيكولاس جاكسون عن تشيلسي، قد يكون له أثر إيجابي نظراً إلى تذبذب مستوى المهاجم السنغالي. وبالمثل، قد تستفيد فرق أخرى من الوضع، مثل مانشستر سيتي، نظراً إلى عدم احتواء منظومة المدرب بيب غوارديولا لاعبين أفارقة أو آسيويين مؤثّرين.
وفي الدوري الألماني الممتاز، تم إدراج 24 لاعباً ضمن قائمة المنتخبات الأفريقية المشاركة، مع قابلية زيادة العدد أو نقصانه تبعاً للقائمة النهائية، على أن يكون متصدّر الدوري الألماني باير ليفركوزن الأكثر تضرراً نظراً إلى ترجيح غياب ما يصل إلى خمسة لاعبين أساسيين عن صفوفه هم فيكتور بونيفاس (نيجيريا) وأوديلون كوسونو (ساحل العاج) وإدموند تابسوبا (بوركينا فاسو) وأمين عدلي (المغرب) وناثان تيلا (نيجيريا). في الوقت نفسه، من الممكن أن يغيب ثمانية لاعبين آخرين عن بوندسليغا للمشاركة في كأس آسيا، أغلبهم من اليابان.
سوف تتضرر الأندية الإيطالية أيضاً من فقدان اللاعبين الأفارقة والآسيويين، حيث يمكن لقرابة 50 لاعباً مغادرة دوري الدرجة الأولى.

(أ ف ب )

تدّعي صحيفة "La Gazzetta dello Sport" أن ما يصل إلى 51 لاعباً من "السيري آ" قد يشاركون في البطولتين القاريتين، مع احتلال فيكتور أوسيمين وأديلوا لوكمان وصامويل تشوكويز ودايتشي كامادا قائمة أبرز الأسماء الغائبة. ولفتت الصحيفة إلى أن ناديَي ساليرنيتانا وأودينيزي من بين الأكثر تضرراً.
وفي إسبانيا، يستعد ستة عشر فريقاً في الدرجة الأولى لخسارة عدد من اللاعبين، غالبيتهم من القارة السمراء. من المرجّح أن يتم استدعاء ما يصل إلى 33 لاعباً للمشاركة في البطولة الأفريقية المقامة في ساحل العاج، دون أن تتأثر أندية ريال مدريد وبرشلونة وأوساسونا وخيتافي.
سوف تتأثر دوريات أخرى مثل الفرنسي والبرتغالي أيضاً، لكن ذلك لا يقع على عاتق "فيفا" بالدرجة الأولى نظراً إلى إدراك الأندية الأوروبية مسبقاً احتمال غياب لاعبيها الأفارقة والآسيويين عند تعاقدها معهم. ولكن في الوقت نفسه، كان بإمكان الاتحاد القاري التخفيف من تأثير هذه البطولات على الأندية من خلال ترتيب تقويم الاستحقاقات الدولية كما تقليص عدد المباريات الودية، أو حتى إلغاء البطولات "الثانوية"، خاصةً تلك التي تُلعب في أوروبا نفسها، والتي تزيد الضغط على اللاعبين تباعاً قبل الأندية.