خلال الأشهر الأخيرة، وردت إلى الاتحاد الأوروبي لكرة القدم "يويفا"، ومن خلفه الاتحاد الدولي "فيفا"، مطالبات حثيثة بتجميد نشاط الكيان الغاصب في المسابقات الرياضية، على خلفية الإجرام «الإسرائيلي» الحاصل بحق فلسطين.
عدة اتحادات كروية استشهدت بما قام به رؤساء الرياضات بحق روسيا بعد عمليتها العسكرية في أوكرانيا، واعتبرت أن ما يحدث في كييف هو نقطة، مقارنةً ببحر المجازر الحاصلة في غزة. مع ذلك، يبدو أن «إسرائيل» معفاة من تبعات جرائمها على أجندة رؤساء الألعاب، ما يضع مسماراً جديداً في نعش القيم والقوانين الرياضية.

آخر المطالبين بإدانة "الصهاينة" هو الاتحاد الإيراني لكرة القدم، حيث أكّد الموقع الرسمي الخاص به توجيه رسالة قبل أيام إلى "فيفا" مطالباً فيها بإيقاف الاتحاد "الإسرائيلي" لكرة القدم، ومنعه من المشاركة في المسابقات الدولية بالإضافة إلى إرسال المعونات إلى فلسطين.

هكذا، انضمت إيران إلى 11 دولة أخرى على الأقل، تبعاً لرسالة اطّلعت عليها قناة "سكاي نيوز" الإنكليزية، مطالبةً بإقصاء المنتخب الإسرائيلي عن الألعاب العالمية.

وبحسب "سكاي"، يقود الحملة الأمير علي بن الحسين، الأخ غير الشقيق للعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، بصفته رئيس اتحاد غرب آسيا لكرة القدم، ويضم تجمّع المعارضين أيضاً اتحاد كرة القدم الفلسطيني (وصل منتخب الرجال إلى الدور الـ 16 في كأس آسيا الشهر الماضي)، واتحادات المملكة العربية السعودية وقطر... علماً أن دعوى المقاطعة أُرسلت إلى جميع الاتحادات الوطنية لكرة القدم البالغ عددها 211 والاتحادات الإقليمية الستة، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي لكرة القدم في يوم مؤتمره السنوي في باريس (الخميس الماضي).
طالبت 12 دولة على الأقل بإقصاء منتخب الكيان الصهيوني عن الألعاب العالمية


ردّاً على ذلك، أعلن الأمين العام للاتحاد الأوروبي لكرة القدم، تيودور ثيودوريديس، الخميس، أن "يويفا" لن يمنع "إسرائيل" من اللعب، كما وصف اتحاد كرة القدم "الإسرائيلي"، بوقاحة، هذه الخطوة بأنها "ساخرة ومخزية" في منشور تمّت مشاركته على موقع "X"، مناشداً الفيفا بـ"إبعاد السياسة عن القرارات الرياضية" والسماح له بالتأهل إلى بطولة أوروبا للرجال التي تبدأ في يونيو/حزيران المقبل.

تجدر الإشارة إلى أن دول اتحاد غرب آسيا لكرة القدم ليست المجموعة الوحيدة التي دعت إلى حظر "إسرائيل" من الفعّاليات الرياضية الدولية. ففي يناير/كانون الثاني مثلاً، دعمَ لاعب كرة القدم الإنكليزي السابق غاري لينيكر دعوات تعليق عضوية "إسرائيل". وشارك لينيكر البيان على موقع "X"، قبل الاتفاق مع رؤساء شبكة "بي بي سي" (يقدم لينيكر برنامج "Match of the Day" على بي بي سي في المملكة المتحدة) على حذفه بسبب قواعد "الحياد" الصارمة التي تطبّقها الشبكة تجاه موظفيها.

الكيل بمكياليْن
غضّ الجهات الرياضية الحاكمة أبصارها عن جرائم "الكيان" يعكس تناقضاً صارخاً في كيفية تعاملها مع كل صراع.

ومنذ بدء شن "الكيان الإسرائيلي" عمليته العسكرية الوحشية على الفلسطينيين، تجنّبَ كل من فيفا ويويفا واللجنة الأولمبية الدولية إصدار تصريحات تدين "إسرائيل"، واستكملت هذه الجهات وغيرها حمايتها للصهاينة من المساءلة عن جرائم الحرب المستمرة، كما انتهاكات قوانين الفيفا نفسها في أكثر من حقل، منها ما يتعلق بإدراج فرق في المستوطنات "الإسرائيلية" بشكل غير قانوني على الأراضي الفلسطينية المسلوبة.

إضافةً إلى ذلك، فإن تحيّز رؤساء الرياضات الواضح إلى الكيان وعدم معاقبته مثل روسيا مثلاً، جعلا شريحة كبيرة من الوسط الرياضي العالمي تستنكر تسيُّس القيّمين على الألعاب، عندما تقضي مصلحتهم بذلك.

ففي أعقاب الأحداث الروسية-الأوكرانية في فبراير/شباط 2022، نُبذت روسيا في عالم الرياضة مباشرةً، حيث تمّ منع منتخباتها الوطنية وأنديتها من المشاركة في المسابقات الدولية، بما في ذلك كأس العالم لكرة القدم 2022 في قطر. كما تحرّكت اللجنة البارالمبية الدولية لمنع مشاركة الرياضيين من روسيا وبيلاروسيا عشية دورة الألعاب البارالمبية في بكين، حينها، وصفَ بيان اللجنة الأولمبية الدولية تصرفات روسيا بأنها "انتهاك للميثاق الأولمبي"، وقرّرت تباعاً منع الرياضيين المرتبطين بعقود عسكرية من المشاركة في الفعاليات.
المثير للسخرية، هو أن اللجنة الأولمبية نفسها التي أقصت روسيا، دعمت إدراج رياضيين "إسرائيليين" في أولمبياد باريس المقبل، على الرغم من حقيقة أن بعض الرياضيين المشاركين يعملون أيضاً أعضاء نشطين في جيش "الدفاع الإسرائيلي".

الأكيد، هو أن تحيّز البعض إلى جهةٍ ظالمة لن يُطفئ نور الحق، ذلك النور الذي كان ولا يزال، وسيبقى يُضيء فلسطين، كل فلسطين.