تختلف مصادر التمويل في كل دوري تبعاً للقوانين السائدة هناك، وتتباين سياسات تحصيل العائدات بحسب توجّه ملّاك كل ناد.
بعيداً عن القوانين والأعراف، كان لبعض المؤثرات الخارجية في السنوات الأخيرة دور كبير في اتباع رؤساء «اللعبة» طرقاً جديدة لزيادة السيولة، خاصةً في فترة جائحة كورونا التي أثقلت بتبعاتها السلبية حسابات أندية كرة القدم.


وبهدف ترميم ما خلّفته كورونا من عجزٍ في الميزانيات، لجأت الأندية إلى حلولٍ مختلفة، أبرزها الحصول على تمويل من صناديق الأسهم الخاصة، وسط ضبابية حول تبعات تلك الإجراءات على المديَين المتوسط والبعيد.


المعاناة المالية للأندية في فترة كورونا جعلَت المستثمرين يغتنمون الفرصة. وفقاً لتقرير صدر في أواخر العام الماضي من قبل شركة البيانات المالية «PitchBook»، يحصل أكثر من ثلث الفرق في الدوريات الأوروبية الخمسة الكبرى على دعم مالي من الأسهم الخاصة أو رأس المال الاستثماري أو شركات الديون الخاصة.



وقالت «PitchBook» إنها استثمرت حوالي 5 مليارات يورو في إسبانيا وإيطاليا وألمانيا وإنكلترا وفرنسا خلال السنوات التي تَلَت كورونا (2019 إلى 2023)، مقارنةً بأقل من 66 مليون يورو في عام 2018 (ما قبل انتشار الجائحة).

قالت شركة «PitchBook» إنها استثمرت حوالي 5 مليارات يورو في الدوريات الخمسة الكبرى


بعيداً عن بعض الصناديق التي توجّهت لشراء حصص في أندية فردية، مثل «Clearlake Capital» في تشيلسي، اعتمد بعض المستثمرين نهجاً مختلفاً، برزَ منهم صندوق الاستثمار الدولي (CVC) الذي ضخَّ ما يقرب من 2 مليار يورو في الدوري الإسباني لتحسين الأندية وبنيتها التحتية، مقابل الحصول على 10% من حقوق البث لمدة 50 عاماً.



والتزمت CVC أيضاً باستثمار 1.5 مليار يورو في الدوري الفرنسي مقابل حصة 13% في شركة فرعية تجارية تدير حقوق البث التلفزيوني.



إضافةً إلى ذلك، تُعد CVC وبلاكستون، التي يملك مديرها التنفيذي ديفيد بليتزر حصة في نادي أوغسبورغ الألماني، مشتريين محتملين لحصة تصل إلى 8% من عائدات النقل التلفزيوني في الدوري الألماني لمدة 20 عاماً، مقابل دفعة مقدمة.




تفاوت في الآراء


طفرة الصناديق الاستثمارية الحاصلة أخيراً قسمت الوسط الرياضي بين مؤيدٍ ومعارض. بعض الاتحادات رضخت للصفقات، حالها كحال أغلب الأندية، غير أن فرقاً أخرى ومعظم الجماهير وقفوا سداً منيعاً بوجه تلك الصناديق، على رأسها CVC.


في إسبانيا، اعترضت أندية ريال مدريد وبرشلونة وأتلتيك بلباو على الصفقة، قائلةً إنها تخدم CVC من الناحية المالية أكثر من الأندية. ورفعت الفرق الثلاثة دعوى قضائية ضد الدوري الإسباني مشككةً في شرعية الصفقة، قبل أن ينسحب برشلونة. وطلبت الأندية المعترضة تدابير احترازية لوقف الاتفاق، لكن القضية رُفضت من قبل المحكمة الإسبانية وتم اعتبار شراكة CVC قانونية تماماً خاصةً أن غالبية الأندية المشاركة سعيدة بالصفقة.


وفي حديثهم إلى الصحافيين ضمن مؤتمر «LALIGA Impulso» السنوي الثالث في منتصف شهر فبراير/شباط الماضي، أوضحَ عدد من المديرين التنفيذيين لبعض الأندية الإسبانية كيف ساعدت الأموال التي تم تسليمها لهم من قبل CVC في تسريع مشاريع البنية التحتية والتداول، مع اعترافهم بأن هذه الموارد المالية الجديدة كانت أساسية لتعافيهم بعد الوباء. من جهته، أكّد رئيس الدوري الإسباني، خافيير تيباس، أنه «بدون CVC، لن تحصل 90% من الأندية على الموارد». وأضاف: «نعمل على ضمان أن تتمتع جميع الأندية بالقدرة الاقتصادية لمواجهة الأزمات».



وعلى نهج الأندية الرافضة في إسبانيا، تصاعدت الصرخة في دورياتٍ أخرى.



ففي ألمانيا، تخلّت رابطة الدوري الألماني لكرة القدم عن صفقة استثمارية ضخمة بقيمة نحو 1.1 مليار دولار مقابل نسبة من عوائد البث التلفزيوني، وذلك بعد احتجاجاتٍ واسعةٍ من الجماهير.


وقالت الروابط الجماهيرية للأندية في ألمانيا إن عملية الاستثمار تفتقر إلى الشفافية وتجاهلت رغبات المشجعين.


من جهته، رفع نادي لوهافر الفرنسي دعوى قضائية بشأن صفقة CVC مع الدوري الفرنسي لأنه لم يكن راضياً عن التقسيم المقترح للأموال.


لا تزال الأمور ضبابية. رغم رضى بعض الأندية عن الصفقة مع صندوق CVC وغيره، قد تنقلب الأمور رأساً على عقب في المستقبل خاصةً في حال الانتكاس المالي مرة أخرى، بحيث ستصبح يد «الفرج» التي مدّتها تلك الصناديق بمثابة مشنقة تهلك الأندية.