جماعات «منظّمة وشابّة» و«متّصلة» بشكل كبير عبر مواقع التواصل الاجتماعي؛ بهذه العبارات وصف عدد من المراقبين الشبان الذين غالباً ما تكتّلوا، خلال الاضطرابات الأخيرة في فرنسا، في مجموعات صغيرة و«عنيفة»، مشيرين إلى أن هذه الاحتجاجات التي خرجت من الضواحي تختلف عن سابقاتها من ناحية الدور الكبير الذي تؤديه وسائل التواصل الاجتماعي فيها، ما دفع السلطات الفرنسية إلى التعهد باتّخاذ ترتيبات عدّة، على غرار تنظيم إزالة المحتوى الأكثر حساسية، وتقديم طلبات للحصول على هويّة أولئك الذين يستخدمون الشبكات الاجتماعية للتحريض على «الفوضى والعنف». وتطرّق الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، بنفسه إلى دور وسائل التواصل الاجتماعي «المهمّ» في التحركات الأخيرة، ولا سيما «تيك توك» و«سناب شات»، من حيث المساعدة على تنظيم تجمعات عنيفة، والمساهمة في التشجيع على «تقليد» العنف في أماكن مختلفة، وجعل المواطنين الأصغر سنّاً في حالة «انفصال عن الواقع»، مؤكداً أنّه في بعض الأحيان «يكون لدينا انطباع بأن بعضهم يعيشون في الشوارع داخل ألعاب الفيديو» التي سمّمت عقولهم. ورأى ماكرون أيضاً أن تصوير أعمال العنف في مدينة ما، يشجّع أولئك الموجودين في مدينة أخرى على ارتكاب أعمال أشدّ عنفاً منها.
وبالفعل، لاقت هذه الاحتجاجات تفاعلاً واسعاً على مواقع التواصل. فعلى «تيك توك» مثلاً، أقلق بعضَ المسؤولين الفرنسيين نشرُ معظم مقاطع الفيديو المرتبطة بأعمال العنف وتسليط الضوء عليها من خلال خوارزميات التوصيات القوية للمنصة، التي تقترح على المستخدمين مشاهدة صور أعمال الشغب من خلال استعراض عدد من الكلمات الرئيسة.
وبحسب فرانك كونفينو، مؤسس «مرصد» وسائل التواصل الاجتماعي ومستشار الاتصالات الرقمية والعامة، فإنّ أيّ حركة اجتماعية يجري تعزيزها في هذا العصر من خلال شبكات التواصل الرقمية. ويشير إلى أنّ خاصية الخرائط على «سناب شات» (SnapMap) تظهر مثلاً النقاط الساخنة في فرنسا في الوقت الفعلي لحدوث الاضطرابات فيها. إلا أنّه بالنسبة إلى الخبير نفسه، فهذا العنف كان ليحصل مع أو من دون مواقع التواصل الاجتماعي، نظراً إلى أنّ «الشعور بالضيق» في الضواحي أعمق من ذلك بكثير. ويتساءل في حديث مع صحيفة «أويست فرانس» (Ouest-France): «ألَسنا نشهد انفجاراً في أعمال العنف التي تلت وباء كورونا في فرنسا المتعبة؟».