تشمل أولويات ستولتنبرغ تعزيز موقف الحلف عسكرياً في أوروبا الشرقية
من جهته، أشاد البيت الأبيض، في بيان، بـ«خبرة ستولتنبرغ وحكمته، وقيادته الثابتة لتحالفنا عبر أهم التحديات التي واجهها الأمن الأوروبي منذ الحرب العالمية الثانية»، في إشارة إلى الدور الذي لعبه الأمين العام في تنسيق مواقف الدول الأعضاء دعماً لتوجّهات القيادة الأميركية في ما يتعلّق بالصراع الروسي - الأوكراني. وهنّأت وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، بدورها، ستولتنبرغ، قائلة إن مهاراته القيادية كانت «أساسية» في تعظيم قوة الحلف، فيما قدّم الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، تبريكاته في مكالمة هاتفية، معلناً أنه «يتطلّع إلى مواصلة تعاوننا المثمر. أمّا رئيس الوزراء البريطاني، ريشي سوناك، فقال إنه «يتطلّع إلى الاستمرار» في العمل مع الأمين العام الحالي «الذي تطوّر في عهده حلف الناتو لمواجهة التهديدات الجديدة».
ومع ذلك، فإن تصريح سوناك لم يخفِ شعوراً بخيبة الأمل في لندن من القرار الذي اضطرّت الأخيرة مرغمة للقبول به، بعدما كانت تسعى لتعزيز مكانتها العالمية إثر خروجها من عضوية الاتحاد الأوروبي، بطرح اسم وزير دفاعها، بين ولاس، علناً، لخلافة ستولتنبرغ، ومحاولتها بناء توافق حوله. إلّا أن فرنسا لم تكن ميّالة إلى هذا الخيار، فيما توافقت مجموعة الدول الاسكندنافية (النرويج والدنمارك والعضو الأحدث فنلندا) على دعم ترشيح ميتي فريدريكسن، رئيسة وزراء الدنمارك، وتحفّظت دول الكتلة الشرقية السابقة، ولا سيما بولندا، على تولية أمين عام جديد ينحدر من اسكندنافيا بعد فترة ولاية النرويجي ستولتنبرغ الطويلة، وولاية سلفه الدنماركي أندرس فوغ راسموسن، وأعلنت تطلّعها إلى تنصيب شخصية من مجموعة دول البلطيق، مثل رئيس وزراء إستونيا، كاجا كالاس، لتأكيد التزام الحلف بالدفاع عن خاصرته الشرقية الرخوة. ومن بين الأسماء التي تمّ تداولها أيضاً، رئيس الوزراء الهولندي، مارك روته، فيما رغبت دول أخرى في تغيير نهج تعيين رجال بيض آتين من الشمال الأوروبي في المنصب، وتسليم المهمة هذه المرّة لسيدة.
وأمضى ستولتنبرغ معظم الأشهر الـ18 الماضية في نشاط محموم للحفاظ على خيط رفيع بين حثّ الدول الأعضاء على تقديم دعم عسكري لنظام كييف، وبين تجنّب تورّط «الناتو» في صراع مباشر مع روسيا، القوة النووية الأولى في العالم. كما لعب دوراً شخصياً في التحاق فنلندا بعضوية الحلف، لكنه لا يزال يواجه تمنّعاً تركياً لانضمام السويد. وتشمل أولويات ستولتنبرغ الأخرى تعزيز موقف الحلف عسكرياً في أوروبا الشرقية، وإعادة موضعته استراتيجياً كمظلّة غربية لردع الغريم الروسي بعد سلسلة عمليات خارج هذا الإطار، تَمثّلت في غزوات أميركية جانبية لأفغانستان والبلقان وليبيا وغيرها. ويتعيّن عليه أيضاً أن يصوغ استراتيجية «الناتو» بشأن الصين، والتعاون مع الدول الخاضعة للنفوذ الغربي في الجوار الصيني مثل اليابان وكوريا الجنوبية التي تشعر بالقلق إزاء تصاعد القوة العسكرية الصينية. كذلك، تنتظره إدارة العلاقة مع فرنسا، الحليف الأساسي الذي لديه طموحات إلى تطوير دفاع أوروبي ذاتي تقوده باريس وبرلين.