وإذا كانت قضية الوثائق السرية من بين الأخطر، كما يراها اختصاصيّو القانون، علماً أن ترامب مَثل فيها أمام القضاء الاتحادي، ثمّة مَن يعتقد أن محاكمته على خلفية اقتحام مبنى الكونغرس ومساعيه إلى قلْب نتئاج الانتخابات لمصلحته، هي الأكثر خطورةً، ولا سيما أن التحقيقات في هذا الشأن بدأت مبكراً من قِبَل «لجنة السادس من كانون الثاني» النيابية التي استمعت على مدى العامَين الماضيَين إلى مئات الشهادات. وتقدِّم لائحة الاتهام الجديدة الواقعة في 45 صفحة، صورة مفصّلة لما تقول إنها جهود ترامب في دفع مزاعم حول تزوير الانتخابات، واعتماده على المسؤولين في الولايات التي خسرها، مِن مِثل أريزونا وجورجيا وميشيغان، لدعم جهوده تلك.
سارعت وزارة العدل الأميركية إلى إصدار أمر استدعاء في حقّ ترامب للمثول أمام المحكمة الاتحادية في واشنطن
ووفق ما جاء في اللائحة، فإنه بعد فشل مساعي الرئيس السابق الأوّلية، ضغط على وزارة العدل لإطلاق الاتهامات «زوراً» بتزوير الانتخابات، كما أنه مارس ضغوطاً على نائبه مايك بنس، لإلغاء النتائج، بينما كان الكونغرس يلتئم للمصادقة على فوز بايدن، ومن بعدها دعا أنصاره المحتشدين في واشنطن إلى «القتال»، وهو ما حصل مباشرةً قبل أن يتوجّهوا نحو «الكابيتول». واشتملت لائحة الاتهام الصادرة عن هيئة محلّفين اتحادية كبرى في واشنطن، على أربع جرائم تقول إن ترامب ارتكبها، من بينها «التآمر» و«الاحتيال» و«محاولة عرقلة العدالة»، وفق ما جاء على لسان سميث، الذي أكّد أن مكتبه سيطلب أن تكون محاكمة ترامب سريعة في هذه القضية، ذلك أن «الهجوم على الكونغرس في عام 2021، كان غير مسبوق على مقرّ الديموقراطية الأميركية». وجاء في لائحة الاتّهام أن «المتّهم، وعلى رغم هزيمته، كان مصمّماً على البقاء في السلطة. لذلك، ولمدّة تزيد على شهرَين بعد انتخابات الثالث من تشرين الثاني 2020، نشر أكاذيب حول وجود عمليّات تزوير غيّرت النتيجة، وحول أنه فاز بالفعل».
مع ذلك، ووفق أستاذ القانون في جامعة كاليفورنيا، ريتشارد هاسن، الذي يُعدّ أحد كبار الخبراء الأميركيين في قانون الانتخابات، «لا يزال أمام ترامب طريق طويل لشغل منصب الرئيس في حال فوزه في انتخابات 2024». ويلفت هاسن، في حديث إلى «سي إن إن»، إلى أن الدستور الأميركي يحتوي على متطلّبات «قليلة جدّاً» لشغل منصب الرئيس، مثل أن «يكون عمرك 35 عاماً على الأقلّ»، ولكنه «لا يمنع أيّ شخص متّهم أو مدان أو حتى يقضي عقوبة في السجن من الترشّح لمنصب الرئيس والفوز بالرئاسة». وحول إمكانية أن يتولّى منصب الرئيس وهو داخل السجن، قال أستاذ القانون الدولي إن الكيفية غير واضحة، لكنّ ترامب قد «يحاول منح عفو لنفسه في حال فوزه»، وإنْ كان من غير المعروف ما إذا كان سينجح في ذلك أم لا، لأن هكذا خطوة تحتاج إلى رأي «المحكمة العليا».
وكانت سارعت وزارة العدل الأميركية إلى إصدار أمر استدعاء في حقّ الرئيس السابق للمثول أمام المحكمة الاتحادية في واشنطن، لمواجهة هذه التهم الجديدة الموجهة إليه، والتي وصفها المرشّح الجمهوري المحتمل، بأنها «تدخّل فظيع في الانتخابات»، و«قرار يائس من قِبَل بايدن الذي يتراجع في استطلاعات الرأي»، مؤكداً أنه لم يفعل شيئاً «وتمّ توثيق طلبي إلى الأميركيين التصرّف بسلام وعدم اللجوء إلى العنف». وردّاً على سؤال حول لائحة الاتهام الأخيرة، قال محامي دفاع ترامب، جون لاورو، إنه يعتقد أن المحاكمة المحتملة قد تستمرّ «تسعة أشهر أو سنة»، مضيفاً أن موكّله يستحقّ الوقت نفسه الذي يستحقّه أيّ أميركي آخر، قائلاً: «كل شخص في الولايات المتحدة له الحقّ في الإجراءات القانونية الواجبة، بمن في ذلك الرئيس السابق».