أكثر فأكثر، يقترب الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، من الظفر ببطاقة الحزب الجمهوري لخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة، في مقابل الرئيس الحالي، جو بايدن، إذا ما استمرّ هذا الأخير على ترشيحه عن الحزب الديموقراطي. فبعد فوز ترامب السهل نسبياً في ولاية أيوا، شهد السباق الانتخابي انسحاب أحد أبرز منافسيه في الانتخابات التمهيدية للجمهوريين، حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتيس، الذي أعلن تأييده حملة الرئيس السابق، أسوةً بالمرشّح الآخر عن "الجمهوري"، رجل الأعمال فيفيك راماسوامي. وفي حصيلة نهائية شبه رسمية، مع الانتهاء من فرز أكثر من 90% من الأصوات، جاءت حصيلة التصويت في ولاية نيوهامبشير، التي تتميّز بـ"ثقل جمهوري" وازن، إضافةً إلى حضور لافت للمستقلّين فيها، لتمنح ترامب تقدُّماً ملحوظاً على منافسته الوحيدة المتبقية في "السباق الجمهوري"، نيكي هايلي، بحصده ما نسبته 55% من الأصوات، مقابل حصولها هي على 45%.
ردود الفعل
فور الإعلان عن فوز ترامب بانتخابات ولاية نيوهامبشير، أقرّت هايلي بهزيمتها أمام منافسها، مؤكدة تمسُّكها - إلى الآن - بمواصلة خوض الانتخابات التمهيدية حتى النهاية، لأن "هذا السباق لم ينتهِ بعد"، وفق تعبيرها. وفي محاولتها تأليب الجمهوريين ضدّ الملياردير الجمهوري، حذّرت هايلي، التي شغلت منصب المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة خلال عهده، من أن ترشيح ترامب من قِبَل الحزب الجمهوري سيعني فوز بايدن بولاية ثانية في الانتخابات المقرّرة في تشرين الثاني المقبل، مشيرةً إلى أن الديموقراطيين يعلمون أن ترامب هو الجمهوري الوحيد في الولايات المتحدة الذي يستطيع بايدن أن يهزمه. من جهته، علّق ترامب على حديث هايلي، بالقول: "لا يهمّني إذا بقيت هايلي في السباق، دعها تفعل ما تريد".
هايلي: ترشيح ترامب من قِبَل الحزب الجمهوري سيعني فوز بايدن بولاية رئاسية ثانية


وعطفاً على تصريحات سابقة رجّح فيها بايدن إمكانية تكرار المبارزة الرئاسية بينه، من جهة، وبين ترامب، ومَن سمّاهم "الجمهوريين المتطرّفين"، من جهة أخرى، اعتبر الرئيس الأميركي أن "الديموقراطية" و"الحريات الفردية" صارت على المحكّ بعد فوز ترامب بالانتخابات التمهيدية في نيوهامبشير، فيما أشارت مديرة الحملة الانتخابية لبايدن، جولي تشافيز رودريغيز، إلى أن "نتائج الانتخابات التمهيدية للجمهوريين في ولاية نيوهامبشير تؤكد أن ترامب ضمن عمليّاً ترشيح الحزب الجمهوري".

سيناريو عام 2020
وبحسب محلّلين متابعين للشأن الأميركي، فإن نجاح ترامب في الانتصار على منافسَيه الجمهوريَّين الآخرين في انتخابات نيوهامبشير، يكتسي دلالات مهمّة. ذلك أنه يشير، وانطلاقاً من التوجّهات السياسية التقليدية القائمة لدى أبناء الولاية، إلى التأييد الذي يتمتّع به الرئيس السابق، سواء في أوساط التيارات القوية داخل "الجمهوري"، أو في أوساط قواعد الناخبين المؤيّدين لـ"الديموقراطي"، وحتى المستقلّين في الولاية المذكورة، وبخاصّة أولئك الذين يتبنّون موقفه العنصري من قضايا اللاجئين داخل الولايات المتحدة، وعلى رأسهم العرب والمسلمون، ويتّسقون مع هواجسه حيال المسائل الأمنية، كالوضع على الحدود مع المكسيك. والجدير ذكره، هنا، أن قسماً كبيراً من القواعد الناخبة "المحافظة"، التي هي في معظمها مؤيدة للجمهوريين، يدرج القضايا المثارة ضدّ ترامب أمام القضاء الأميركي في خانة ما يعتبره "مؤامرة سياسية تحاك ضدّه". وممّا يعزز فرضية ترسيخ ترامب لنفسه كمرشّح عن الحزب الجمهوري في السباق الرئاسي المرتقب، هو أن الفوز ببطاقة ترشيح الحزب في "الرئاسيات"، وفق ما درج عليه العرف السياسي القائم في الولايات المتحدة على مرّ التاريخ، كان على الدوام من نصيب الفائز بالانتخابات التمهيدية في أول ولايتَين.