تتّخذ الدول الأوروبية، أيضاً، خطوات في اتجاه تحاول فيه تقييد إنتاج الدول الأخرى من الصناعات الخضراء، ومنع الأخيرة من الدخول إلى أسواقها
بدوره، وجّه الرئيس الصيني، في أعقاب لقائه مع بلينكن، ما هو أشبه برسالة إلى الولايات المتحدة، في حال أرادت الأخيرة «الحفاظ» على الاستقرار الذي توصّل إليه البلدان، مؤكداً أنّه «يتعين على الصين والولايات المتحدة أن تكونا دولتين شريكتين لا متنافستين، وأن تعملا على مساعدة إحداهما الأخرى على النجاح بدلاً من الإيذاء، والبحث عن أرضية مشتركة واحتواء الخلافات، بدلاً من الدخول في منافسة شرسة، والوفاء بوعودهما من خلال الأفعال، بدلاً من قول شيء وفعل شيء آخر». ويرى عدد من المحللين الصينيين، إزاء ذلك، أنّ «الضجيج» الذي تثيره إدارة بايدن أخيراً حول «الطاقة المفرطة» يعود، بشكل رئيسي، إلى «التخوف من صعود الصين»، والرغبة في «انتزاع الأصوات في عام الانتخابات»، وتبرير اتخاذ المزيد من الإجراءات «الحمائية» بحق بكين، في وقت تركز فيه واشنطن على دعم قطاعاتها في هذا المجال، وتقوية «التنافسية الأميركية» في مجال التصنيع، «وجذب سلاسل التوريد إليها».
الصناعات الثلاث
وتطاول الاتهامات الأميركية، بشكل خاص، ما تُطلق عليه الصين «الصناعات الثلاث الجديدة»، وهي السيارات الكهربائية وبطاريات الليثيوم والألواح الشمسية، زاعمةً أنّ إنتاجها «يتجاوز الطلب العالمي». وفي مقابل تلك الاتهامات، يستشهد الخبراء الصينيون بتقرير نشرته «الوكالة الدولية للطاقة» (IEA) بعنوان «صفر انبعاثات بحلول عام 2050»، يشير إلى أنّ تحقيق مثل ذلك الهدف يتطلب «تحولاً شاملاً» في أنظمة الطاقة، مع «نشر فوري وواسع النطاق» لتقنيات الطاقة النظيفة. بمعنى آخر، وبحلول عام 2030، يجب أن تشكل مبيعات السيارات الكهربائية، طبقاً للتقرير، أكثر من 60% من مبيعات السيارات العالمية. وبحسب تقرير أورده موقع «سي جي تي أن»، وبالرغم من كونها مصنعاً رئيسياً للألواح الشمسية والمركبات الكهربائية، إلا أنّ قدرة الصين لا تزال «أقل من الطلب المتزايد في العالم على المنتجات الصديقة للبيئة»، والضرورية لتحقيق الهدف الذي حدّدته «اتفاقية باريس». وإذ تعتبر الصين أنّ صناعة الطاقة الجديدة «تعزز مستويات معيشة الناس ورفاهيتهم حول العالم، من خلال جعل المنتديات الخضراء الميسورة التكلفة متاحة لهم»، فإن التقرير نفسه ينقل عن عدد من الخبراء قولهم إنّ «دول جنوب العالم بحاجة إلى المزيد من السلع الرخيصة»، وإنّ الإضرار بإنتاج الصين من السلع الخضراء، يعني الإضرار بتلك الدول مباشرة، وبالجهود العالمية المبذولة لحماية البيئة.
«التفاف» على الاتفاقيات التجارية
وليست الولايات المتحدة وحدها من تحاول تقييد إنتاج الدول الأخرى من الصناعات الخضراء، ومنع الأخيرة من الدخول إلى أسواقها، إذ تتّخذ الدول الأوروبية، بدورها، خطوات في هذا الاتجاه، يرجّح مراقبون أنّها ستضرّ، بشكل رئيسي، بالمستهلكين في الدول الفقيرة. ونظراً إلى أنّ الاتفاقيات التجارية الثنائية أو المتعددة الأطراف تجعل من غير الممكن رفع التعريفات الجمركية بشكل مباشر على المنتجات الخضراء، تلجأ تلك الدول إلى وضع «معايير» أخرى، في إطار ما يصفه مراقبون بـ«الحمائية الخضراء»، بهدف منع عدد من المنتجات من الوصول إلى أسواقها. على سبيل المثال، في أعقاب إعلان «الاتحاد الأوروبي»، العام الماضي، نيته فرض أول «ضريبة حدودية للكربون» في العالم، بهدف الحد من «محاولة الشركات تقليل التكاليف المترتبة عليها، من خلال تحويل مقرات إنتاجها إلى أماكن تتبع سياسات بيئية أكثر مرونة من دول الاتحاد»، أوردت صحيفة «لوموند» الفرنسية تقريراً جاء فيه أنّ الإجراء المشار إليه يثير مخاوف كبيرة في أوساط المورّدين من الدول الفقيرة. وتابعت الصحيفة نقلاً عن خبراء، أنّه في حال تمّ «فرض ضريبة موحّدة على انبعاثات الكربون في جميع أنحاء العالم»، فإنّ ذلك سيصبّ في مصلحة دول الشمال العالمي، مثل ألمانيا واليابان وفنلندا والولايات المتحدة، على حساب بلدان الجنوب، مثل كمبوديا وبيرو وبلدان مجموعة «البريكس»، ومن بينها الصين والبرازيل والهند، و«التي تزيد حصتها العالمية من الانبعاثات عن حصتها الإنتاجية».