يبدو أن اليمن أصبح يحترف افتعال الأزمات. فمع ادّعاء النظام أن «الأوضاع تحت السيطرة» تتدهور الأوضاع بطريقة تفرض نفسها على المشهد السياسي والأمني اليمني من خلال الأبطال الرئيسيين للأحداث؛ الحراك الجنوبي والحوثيين و«القاعدة». فبعد اعتبار رئيس الوزراء اليمني، علي مجور، أن الأحداث «المأساوية» التي شهدتها مدينتا زنجبار وخنفر في محافظة أبين وفي محافظة صعدة «تأتي في إطار التحالف والتصعيد الثلاثي الذي عقده كلّ من تنظيم القاعدة والحوثيين والانفصاليين»، اتخذت أحزاب اللقاء المشترك قراراً بتعليق حوارها ـــــ الذي لم يبدأ أصلاً ـــــ مع المؤتمر الشعبي العام الحاكم. ولخّص رئيس المجلس الأعلى لأحزاب اللقاء المشترك، حسن زيد، أسباب تعليق الحوار مع الحزب الحاكم بأنها «تعود إلى تصعيد السلطة وحزبها للأزمات، خلافاً لما ينص عليه الاتفاق (بين الجانبين) الذي يقضي بتهيئة المناخ السياسي».
المعارضة تؤكد أن حلّ القضية الجنوبية مدخل الإصلاح الشامل في اليمن
في غضون ذلك، تطورت الأحداث في محافظة مأرب، التي ظلت هادئة لفترات طويلة، رغم شهرة أهلها بامتلاك السلاح والولاء للقبيلة. فقد قتل خلال الأيام الماضية عدد من جنود القوات المسلحة وأصيب آخرون أثناء مرورهم بسيارة عسكرية قبل أيام في منطقة آل شبوان في مديرية الوادي في مأرب، وتعرّضهم لاعتداء من قبل مجموعة وصفت بأنها تنتمي إلى تنظيم «القاعدة». ويصف المراقبون الأوضاع في المحافظة بأنها قابلة للاشتعال بحكم طبيعة المحافظة الصحراوية المترامية الأطراف وتمركز الكثير من عناصر «القاعدة» فيها.
وفي محاولة من المعارضة وفصائل أخرى لتدارك الوضع المتأزم في اليمن، أطلقت اللجنة التحضيرية لما يسمى «الحوار الوطني» «مشروع رؤية إنقاذ وطني»، أكدت في مضمونه «أنه لم يعد أمام اليمنيين من خيار آخر سوى خيار الإنقاذ الوطني، لدرء المخاطر الكارثية للأزمة الراهنة ومنع حدوث الانهيار، ولإخراج البلاد نهائياً من دوامة أزماتها المتكررة».
وعدّ مشروع الرؤية حلّ القضية الجنوبية، بأبعادها الحقوقية والسياسية، مدخلاً أساسياً يتوقف على معالجتها فتح آفاق واسعة للإصلاح السياسي والوطني الشامل في اليمن وإزالة أسباب الانقسام الوطني. واشتملت الرؤية على معالجات وطنية شاملة للأوضاع المتفاقمة في مختلف أرجاء اليمن من حروب متكررة في صعدة وغيرها من مناطق اليمن التي تعاني من العزلة والتهميش والإقصاء.
والمراقب للمشهد اليمني بكل أطيافه يدرك أن بوادر الأزمات التي سيشهدها اليمن، خلال الأيام المقبلة، ستزداد سخونة، وخصوصاً بين الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة. فمع إصرار الأخيرة على أنه لا يمكن
الحزب الحاكم يتهم المعارضة بعدم امتلاكها رؤية واضحة للإصلاح السياسي
في المقابل، يتهم الحزب اليمني الحاكم المعارضة برغبتها في التنصّل من مسؤوليتها واتفاقاتها، ويعلّق رئيس الدائرة الإعلامية في الحزب الحاكم، طارق الشامي، على الشروط التي تحاول المعارضة فرضها، معتبراً أنها محاولة للتنصّل من التزاماتها من خلال الحديث عن قضايا جانبية وغير جوهرية. وقال الشامي لـ«الأخبار» إن «حزبه مستعد للحوار مع أي فصيل سياسي للوصول إلى ما فيه مصلحة اليمن دون تحفّظ أو شروط مسبقة». وفي الوقت نفسه لن يقبل «المؤتمر» بأي شروط تفرض عليه لبدء الحوار، محذراً من «أن المدة الزمنية التي نصّ عليها الدستور للتعديل الدستوري أصبحت محدودة، وهي نصوص دستورية يجب الالتزام بها قانوناً».
ورأى الشامي أن قضايا الإصلاح السياسي والتعديلات الدستورية وتعديلات قانون الانتخابات وإعادة تأليف اللجنة العليا للانتخابات هي أهم القضايا التي يفترض الحوار بشأنها. واتهم المعارضة بأنها لا تستشعر مسؤوليتها تجاه الوطن وتجاه الجماهير، وبأنها تسعى للتعطيل ولتحميل المؤتمر، كحزب حاكم، مسؤولية الفشل في تنفيذ برنامجه السياسي، معتبراً «أن من أسباب عزوف المعارضة عن الحوار مع المؤتمر هو عدم وجود رؤية واضحة لديهم للإصلاح السياسي، برغم ما تدّعيه من قيامها بإجراء لقاءات تشاورية».
وكان الرئيس اليمني علي عبد الله صالح (الصورة) قد طالب في نيسان الماضي وجهاء وأعيان 3 محافظات يمنية، بينها محافظة مأرب، بتسليم قيادات «القاعدة» في تلك المحافظات، وحذر من حملة عسكرية ستطالهم في حالة عدم تسليمهم.
(يو بي آي)