بقعة ضوء
مع أن عام 2008 شهد الإعلان عن إطلاق مشروع سياحي ضخم يقع على الامتداد الساحلي لرأس ابن هانئ في اللاذقية، وبكلفة تقديرية تصل إلى نحو 350 مليون دولار، وقبله بسنوات كان هناك مشروع ضخم آخر في طرطوس بكلفة وصلت في عام 2010 إلى نحو 500 مليون دولار، إلا أن ذلك لم يكن ليغير المشهد الاستثماري للمنطقة، التي كان عليها أن تنتظر حتى أواخر عام 2017 لتكون موضع اهتمام لجنة فنية مُشكَّلة من وزارتَي السياحة والنقل لتقديم ورقة عمل تتضمن الخطوات التنفيذية لإنجاز الخريطة الاستثمارية للأملاك العامة البحرية في الساحل.
تبرز مشكلة القانون الحالي الذي يتيح تحويل الأملاك البحرية العامة إلى أملاك خاصة
وقد خلصت اللجنة المذكورة إلى تحديد ماهية أنواع الاستخدامات الرئيسة المسموح بها في الأملاك العامة البحرية، وقد جرى حصرها في 11 استخداماً. واعتبرت الورقة المذكورة أن إقامة جزر اصطناعية تمثل قيمة مضافة للشاطئ السوري اقتصادياً وخدمياً، ومجالاً لإقامة معالم حضارية ومشاريع اقتصادية باستخدامات نوعية تدرّ عوائد مالية عالية، مشيرة إلى ضرورة إجراء مسح دقيق ومراجعة لوضع أراضي الأملاك البحرية المقابلة للمشاريع والمنشآت والأراضي المستملكة لوزارات وجهات عامة لأهداف النفع العام، أو مملوكة لأيٍّ من المنظمات الشعبية أو النقابات المهنية. كما طالبت «المديرية العامة للموانئ» بتقديم بيان حول المخالفات القائمة على الأملاك البحرية والتعديات عليها تبعاً للمناطق العقارية المحاذية، ليصار إلى معالجتها بشكل قانوني. وهذه نقطة لن يكون من السهل تجاوزها في ظلّ وجود آلاف المخالفات التي مضى على بعضها سنوات طويلة، الأمر الذي يتطلب في نظر البعض برنامجاً مدروساً، ولا سيما في ما يتعلق بالمخالفات المرتكبة من قِبَل بعض الفقراء وأصحاب الدخل المحدود، وكذلك العمل على تعديل القانون الحالي الذي يتيح تحويل الأملاك البحرية العامة إلى أملاك خاصة.
ومع المتغيرات العديدة التي أفرزتها الحرب، فإن الوقت يضغط باتجاه الإسراع في الاستفادة من الفرص الاقتصادية المتاحة في الشريط الساحلي، وخاصة أن الأمر بات يتعدى المصالح الاقتصادية إلى الحسابات السياسية، سواء مع محاولات الحكومة استعادة مكانتها كمنفذ حيوي لبعض الدول المجاورة على العالم الخارجي، وكسر الحصار الأميركي المراد له أن يكون برياً وبحرياً، أو من خلال الاستفادة من الإمكانات الفنية والتقنية للدول الحليفة لتطوير وتحديث بعض المرافق والبنى التحتية تمهيداً لتلبية احتياجات مرحلة إعادة الإعمار. وبناءً على ذلك، يؤكد ديب أن «للساحل، عبر موارده ومؤهلاته، مكانة في الانطلاقة الاقتصادية المقبلة، ليكون رافداً للاقتصاد بالموارد الضرورية، وفقاً لمبدأ السيادة والأمن الوطني والاجتماعي وسلّم الأولويات، التي تبدأ بالإمكانات المحلية للقطاعين العام والخاص، ثم شريحة السوريين المغتربين، والباقي يقع ضمن أولويات الأمن والسيادة والاستقلال».
إيرادات قليلة
تخضع الأملاك العامة البحرية لسلطة القانون 65 لعام 2001، الذي أجاز أن يتم الإشغال على الأملاك العامة البحرية مقابل بدل يُفرض على المشاريع المرخّصة تبعاً لطبيعتها ومساحتها ومدتها. ووفق بيانات وزارة النقل، فإن إيرادات بدل الإشغال المتحققة ارتفعت من 13 مليون ليرة عام 2013، إلى 200 مليون ليرة في عام 2014، ثم إلى 500 مليون ليرة في العام الماضي، وهي زيادة نجمت عن تعديل قيمة بدل الإشغال، وليس بفعل دخول مشروعات جديدة حيز الاستثمار كما هو مرغوب. وبحسب ما تؤكد وزارة النقل، فإن قيمة هذه البدلات تكاد لا تشكل أكثر من واحد بالألف من قيمة بدلات إشغال الساحل اللبناني، الذي يزيد طوله بأمتار قليلة على طول الساحل السوري، مع تشابه في الظروف البيئية والمناخية.