مقالات مرتبطة
غير أن الرافضين للانتخابات لا يوافقون تماماً السلطة الحالية على تبدّل الأوضاع، بل يرون عكس ذلك، انحدارها نحو الأسوأ. وفي هذا السياق، وصف بيان لشخصيات سياسية مقاطعة، الظروف المحيطة بإجراء الانتخابات التشريعية، بالمخيفة. واعتبروا أن الجزائر تشهد تحوّلاً خطيراً في تعامل النظام، حيث تصاعدت، حسبهم، بشكل مخيف، حملة القمع والاعتقالات ضدّ المناضلين والنشطاء، والتي مسّت كلّ الشرائح والتيّارات. أمّا هذه الانتخابات، فهي لا تُحقّق، وفق منظورهم، التغيير الذي تهدف إليه الثورة السلمية، لأن المسار المفضي إليها «رفضه الجزائريون»، كما أن الظروف الحالية التي تعيش فيها الجزائر حالة طوارئ غير معلَنة، وحصاراً خانقاً للحرّيات لكلّ الساحة العمومية، ومنعاً بالقوة للتظاهرات السلمية، لا تسمح حسبهم بإجراء انتخابات حرّة ونزيهة. وقبل يوم من التصويت، ذكر محامون وحقوقيون أنه جرى توقيف الناشط السياسي البارز في الحراك كريم طابو، والصحافيَّين إحسان القاضي وخالد درارني، لأسباب لا تزال مجهولة حتى الآن.
طمأن تبون القلقين إلى أن الإسلاميين في الجزائر لا يشبهون غيرهم في باقي الدول العربية
ومهما كان الأمر، فإن كلّ المؤشرات تؤكد أن البرلمان المقبل أصبح أمراً واقعاً، ويجري التفكير حالياً في الأغلبية التي سيفرزها وتشكيلة الحكومة التي قد تنبثق عنه. وفي هذا الصدد، يرى كثيرون احتمال فوز الإسلاميين بالأغلبية، كونهم الأكثر حضوراً في الحملة الانتخابية. وهؤلاء يدخلون بأربعة أحزاب متشابهة أيديولوجياً، لكن مواقفها من السلطة متباينة، وأبرزها «حركة مجتمع السلم» و»حركة البناء» و»جبهة العدالة والتنمية». وأثارت إمكانية فوز الإسلاميين مخاوف لدى البعض من عودة الصراع الأيديولوجي الذي ساد الجزائر في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، لكن الرئيس تبون سارع إلى طمأنة الصحافة الأجنبية التي طرحت عليه هذه الأسئلة، بالقول إن الإسلاميين في الجزائر لا يشبهون غيرهم في باقي الدول العربية، وهم يؤمنون بالعمل في إطار القانون والدستور.
ويبدو من خلال تركيبة المشاركين في الانتخابات، أن الرئيس تبون لن يكون من الصعب عليه الحصول على أغلبية رئاسية، أو على الأقلّ إنشاء حكومة تضمّ طيفاً واسعاً من الأحزاب المُشكّلة للبرلمان والأحرار. ويعود هذا الأمر إلى كون معظم المشاركين يملكون نظرة إيجابية عن الرئيس وإصلاحاته، وتجنّبوا توجيه أيّ انتقاد له في الحملة الانتخابية، كما عبّر بعضهم صراحة عن رغبته في أن يكون في الحكومة بعد انتخاب البرلمان. أمّا «حركة مجتمع السلم»، فتؤكد أنها حريصة على التوافق وتشكيل حكومة وحدة وطنية، وتقول إنها ترفض تشكيل الحكومة وحدها حتى وإن حصلت على الأغلبية المطلقة. ويضع الدستور الجديد في الجزائر، الرئيس بين خيارين، بناءً على نتيجة الانتخابات التشريعية: إمّا التعايش مع أغلبية برلمانية هي مَن تفرض رئيس الحكومة، أو العمل مع أغلبية رئاسية تعطيه الحق في أن يعيّن هو رئيس الحكومة في إطار البرنامج الانتخابي الذي جاء به الرئيس. لكن صلاحيات الرئيس في الدستور، بغضّ النظر عن هذا التفصيل الدستوري، تبقى واسعة، وبإمكانه أن يحلّ البرلمان ويعلن عن انتخابات جديدة، في حال وجد عرقلة من المؤسسة التشريعية.
اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا