غزة | في زيارة غير معهودة، وصل رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، أمس، إلى العاصمة الصينية بكين، حيث يُجري مباحثات مع القيادة الصينية حول مستجدّات القضية الفلسطينية، في ظلّ خشيته من مبادرة الصين إلى فتح قنوات مع فصائل فلسطينية أخرى، بما يؤثّر سلباً على التمثيل الرسمي الفلسطيني الذي تُجسّده «منظمة التحرير الفلسطينية». وفي زيارته التي تستمرّ حتى الـ16 من الشهر الحالي، يرافق «أبو مازن» عضو اللجنة التنفيذية لـ«منظمة التحرير» ونائب رئيس الوزراء زياد أبو عمرو، ووزير الخارجية والمغتربين رياض المالكي، ورئيس مجلس إدارة «صندوق الاستثمار الفلسطيني» محمد مصطفى، وقاضي قضاة فلسطين، مستشار الرئيس للشؤون الدينية والعلاقات الإسلامية محمود الهباش، ومستشار الرئيس للشؤون الدبلوماسية مجدي الخالدي، وسفير فلسطين لدى الصين فريز مهداوي.وبحسب مصادر في السلطة الفلسطينية تحدّثت إلى «الأخبار»، فإن عباس، وبناءً على توصية مقرّبين منه، بينهم وزير الخارجية، طلب زيارة الصين في ظلّ الدور الاقتصادي والسياسي المتنامي للأخيرة في المنطقة والعالم، وهو ما يمكن أن يؤهّلها خلال الفترة المقبلة لأن «تكون وسيطاً مقبولاً لدى مختلف الأطراف في منطقة الشرق الأوسط». ويأمل عباس في أن تفضي زيارته إلى تحرّك صيني مباشر نحو إسرائيل بهدف إحياء «عملية السلام» على أساس «المبادرة العربية»، خصوصاً في ظلّ تعزّز العلاقات بين بكين والرياض اللتَين يمكن أن تتضافر جهودهما في هذا السبيل. وتضيف المصادر أن توجّه «أبو مازن» إلى الصين يأتي في إطار «محاولاته ممارسة ضغط على الإدارة الأميركية لتحريك ملفّ السلام، وإقناع الحكومة الإسرائيلية بوقف سياساتها الاستيطانية في الضفة الغربية وتجاه مدينة القدس»، متحدّثة عن وجود اعتقاد لدى السلطة بأنه «يمكن الفلسطينيين استغلال الرغبة الصينية في تحدّي الهيمنة الأميركية في المنطقة، بعدما ملّوا انتظار الأميركيين لسنوات طويلة لتحقيق حركة أو إنجازات في الملف السياسي». وفي الوقت نفسه، لا تخفي رام الله مخاوفها من توجّهات صينية للانفتاح على مختلف الأطراف الفلسطينية، وهو ما قد يؤدّي إلى إقامة علاقات مع فصائل من خارج إطار «منظمة التحرير»، وخاصة حركتَي «حماس» و«الجهاد الإسلامي».
لا تخفي سلطة رام الله مخاوفها من توجّهات صينية للانفتاح على مختلف الأطراف الفلسطينية


في المقابل، لا تؤطّر مصادر أخرى الزيارة بنوايا محدّدة، عادّةً إيّاها استكمالاً للقاء عباس الرئيس الصيني، شي جين بينغ، خلال القمّة العربية - الصينية التي انعقدت منتصف كانون الأوّل الماضي، وخطوةً لإحياء الذكرى الخامسة والثلاثين لإقامة العلاقات الديبلوماسية بين فلسطين والصين. وفي السياق، قالت مصادر في وزارة الخارجية الفلسطينية إن الزيارة لها برنامج متكامل يشمل لقاء الرئيس الصيني ورئيس الوزراء ووزير الخارجية ورئيس البرلمان، فيما سيبحث لقاء الرئيسَين تعزيز العلاقات الثنائية، وآخر مستجدّات القضية الفلسطينية، والقضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك. وكان المتحدّث باسم وزارة الخارجية الصينية، وانغ وينبين، قال الأسبوع الماضي للصحافيين إن عباس «أول رئيس دولة عربي تستقبله الصين هذا العام، ما يجسّد بشكل كامل المستوى العالي للعلاقات الصينية - الفلسطينية الجيّدة والودية تقليدياً». وسبق لبكين أن أبدت، في نيسان الماضي، استعدادها للمساعدة في محادثات «السلام» بناءً على «حلّ الدولتين»، وذلك على لسان وزير الخارجية الصيني، تشين غانغ، الذي أبلغ المالكي أن بلاده تدعم استئناف المحادثات في أسرع وقت، في حين شجّع وزير الخارجية الإسرائيلي، إيلي كوهين، على اتّخاذ خطوات لبدء هذه المفاوضات.