ومع أن غالبية القادمين إلى مصر هم من ذوي الوفرة المالية، إلّا أن الحكومة المصرية تتحسّب، على ما يبدو، للمدى الزمني لبقائهم على أراضيها، كما وتضغط للحصول على دعم مالي من منظّمات وجهات دولية من أجل تسهيل دخولهم، وهو ما لم تنجح فيه منذ بداية الأزمة حتى الآن. والجدير ذكره، هنا، أن مساعدات «الهلال الأحمر» والتبرّعات والهِبات الآتية عبر الأمم المتحدة ليست كافية للأعداد الوافدة، فضلاً عن أنها مخصّصة للواصلين على الفور، فيما تستثني الآلاف الذين توطّنوا في مناطق عدّة على امتداد الجغرافيا المصرية، ولا سيما في العاصمة. وعلى خلفية هذا التوطّن، بدأت تتمدّد ظاهرة رفع إيجارات البيوت في مناطق وسط القاهرة خصوصاً، ومن بينها الدقي وحدائق الأهرام إلى جانب 6 أكتوبر، التي توافد إليها سودانيون لهم فيها أقارب أو أصدقاء.
انفضح فرض أتاوة على السودانيين لتسريع حصولهم على تأشيرة إلى مصر
أمّا المشكلة الأكبر التي تواجه السودانيين الوافدين، فهي صعوبة حصولهم على مواعيد استقبال في السفارات الأوروبية لِمَن لديه منهم وجهة أخرى، ولم يحصل على تأشيرات بالسفر حتى إلى بعض العواصم الخليجية. وفي هذا الإطار، ظهرت، في الأيام الماضية، عمليات سمسرة من نوع خاص، يتورّط فيها ديبلوماسيون مصريون وموظفون في وزارة الخارجية، مرتبطة بتسريع وتيرة الحصول على التأشيرة من القنصلية المصرية مقابل 800 دولار للشخص الواحد، وصولاً إلى أكثر من 3000 دولار للعائلة. ومع انفضاح هذه السمسرات في الأيام الماضية، جرى توقيف بعض المسؤولين وإحالتهم إلى التحقيق، في حين لا يزال هناك عشرات آلاف السودانيين ممّن ينتظرون الموافقات النهائية حتى الآن للعبور إلى مصر. وممّا يصعّب الأمور، بالنسبة إلى هؤلاء، أيضاً، رفض شركة «مصر للطيران» التعامل مع الظروف الاستثنائية التي يتعرّض لها المسافرون، عبر إرجاء وتعديل مواعيد الرحلات بما يتناسب مع الموافقات التي تتأخّر أحياناً لعدد ليس بالقليل من المسافرين، فضلاً عن عدم انتظام خطوط السفر من السودان إلى الحدود المصرية؛ إذ تَفرض الشركة الرسوم الاعتيادية في حال التخلّف، الأمر الذي يكبّد المسافرين مزيداً من الأموال والمتاعب.
وبالنسبة إلى المصريين المقيمين في السودان، وعلى الرغم من أن الجزء الأكبر منهم جرى إخلاؤهم بالفعل في الأيام الأولى من الاشتباكات، إلّا أنه لا يزال ثمّة عالقون في الأراضي السودانية، وتحديداً في قلب الخرطوم ، وهو ما تحاول وزارة الخارجية المصرية معالجته عبر مساعدتهم على الخروج، فيما يسعى العديد من السودانيين من ذوي الأصول المصرية أو غير الحاملين للجنسية المصرية إلى العبور عبر إثبات أصولهم المصرية، بعدما بات يُسمح لأبناء وبنات المصريين بالدخول بشرط موافقة القنصلية.