القاهرة | تنشغل العائلات المصرية باختبارات الثانوية العامة والفضائح والمشكلات الكثيرة التي ترافقها، وآخرها إقرار وزارة التربية والتعليم بأن معدّ امتحان الفيزياء لطلبة القسم العلمي يقوم بإعطاء دروس خصوصية للطلاب، بينما وضع معدّ امتحان الكيمياء الامتحان بصعوبة لا تناسب مستوى ما درسه الطلاب، نتيجة خلاف شخصي بينه وبين الوزير، حتى يكاد المواطن يعجز عن إيجاد أي خبر إيجابي حول سير الامتحانات.في العام الماضي، تصدّرت مشكلات الثانوية العامة في مصر وسائل الإعلام، ما أدى إلى تسليط ضغوط دفعت إلى إقالة وزير التعليم السابق، طارق شوقي، لكنّ أحداً لا يتحدّث عن أخطاء الوزير الحالي، رضا حجازي، الذي ينفّذ التعليمات ويحظى بدعم من جهات سيادية. وكان آخر تلك الزلات تأكيده تصحيح أوراق الطلاب الذين يقومون بالإعلان عن قيامهم بالغش في اللجان عبر مواقع التواصل الاجتماعي، في لجان خاصة. ويحاول الوزير إيقاف مواقع التواصل عن الانتقاد، مع استمرار عملية تسريب أسئلة الامتحانات المختلفة قبيل بدئها، إلى جانب عمليات الغش الممنهجة التي تتم في بعض اللجان المدرسية، وسط محاولات حثيثة من أجل التعتيم على المشكلات المرافقة لإجراء الامتحانات، والخلل الجوهري الحادث بالفعل في العديد من الجوانب الإدارية والتنظيمية بصورة قد تكون أسوأ من العام الماضي.
على أن محاولة التعتيم على ما يجري في امتحانات الثانوية العامة، ليست المشكلة الوحيدة، فالحكومة التي أقرّت بشكل سري زيادة جديدة على أسعار الكهرباء ورفع الدعم عن الشرائح الأقل دخلاً والأكثر دعماً، في إطار خطة رفع الدعم الكامل عن قطاع الكهرباء والتي أرجئت لمدة عام، لم تستطع الإعلان عن القرار، بل جرى تمريره بشكل سري مطلع الشهر الجاري. القرار الذي يخفّض من فاتورة دعم الكهرباء في الموازنة العامة للدولة، يأتي ضمن الالتزام الحكومي بتعليمات صندوق النقد الدولي بالرفع الكامل للدعم عن قطاع الكهرباء، وهو الأمر الذي عُرقل في العام الماضي، بسبب ضغوط التضخّم المرتفع والرغبة في احتواء الغضب الشعبي، في حين ستجري إعادة برمجة عملية رفع أسعار الكهرباء في السنوات المقبلة، لتتناسب مع سعر الصرف الجديد. وتسبب انخفاض قيمة الجنيه ليسجّل نحو 31 جنيهاً لكل دولار بدلاً من 16 جنيهاً فقط مطلع العام الماضي، في إعادة رفع كلفة الدعم مجدداً، خاصة مع الارتفاعات المتتالية في أسعار النفط، ما دفع إلى إطالة أمد فترة رفع الدعم الكامل عن الكهرباء والتي يتوقع أن تنتهي بحلول عام 2028، وفق الخطة التي تناقشها الحكومة.
تأتي الزيادات المتلاحقة في الأسعار بالتزامن مع محاولات الإعلام المسيطَر عليه من الدولة الترويج لإنجازات وهمية


رفع أسعار الكهرباء سبقه رفع أسعار تذاكر القطارات من دون إعلان أيضاً، وبتطبيق فوري في محطات القطارات، في حين يترقّب المصريون زيادة أخرى على أسعار المحروقات مع الاجتماع المرتقب للجنة التسعير التلقائي للمحروقات، والتي يتوقّع أن تزيد من سعر البنزين على الأقل، مع استمرار تثبيت سعر السولار بعد الزيادة الأخيرة في شهر أيار الماضي، والتي يرى الخبراء أنها ستكون الأخيرة قبل الانتخابات الرئاسية مطلع العام المقبل، لكون السولار يؤثر بشكل أكبر في زيادة الأسعار. وتأتي الزيادات المتلاحقة في الأسعار بالتزامن مع محاولات الإعلام المسيطَر عليه من الدولة الترويج لإنجازات وهمية مرتبطة بإشادات دولية بالاقتصاد المصري، وهي إشادات قديمة، ولم تعد صالحة الآن مع استمرار تعثّر وغموض مصير قرض «صندوق النقد الدولي» وتوقّف المفاوضات بشأنه، فيما يقضي الرئيس، عبد الفتاح السيسي، إجازته الصيفية في القصر الرئاسي في العلمين على شاطئ البحر المتوسط منذ أسبوعين، مكتفياً باتصالات هاتفية محدودة يُعلن عنها عبر المتحدث الرسمي، إلى جانب تأدية رؤساء الهيئات القضائية الذين اختارهم أخيراً، اليمين الدستورية أمامه.
حالة الاسترخاء التي تعيشها أجهزة الدولة المختلفة، بما فيها الرئيس ونشاطاته، تتزامن مع استمرار الحديث عن التغييرات المرتقب الإعلان عنها على نطاق واسع في أجهزة عدة، فيما بات عدد من الوزراء يتحدّثون عن رحيلهم من مناصبهم، وكذلك بعض المسؤولين الأمنيين، ويغيب البعض منهم عن أماكن عملهم لأيام من دون تبريرات مقنعة، مع إرجاء أي قرارات حاسمة حتى إشعار آخر. وفي مقابل تواجد الحكومة في الساحل الشمالي بعد أسابيع قليلة من بداية العمل داخل العاصمة الإدارية الجديدة، حيث يقضي الوزراء وحراسهم إجازة صيفية طويلة، فإن ثمة أزمات ومشكلات عالقة، في مقدمتها نقص العملة الأجنبية، وعدم إعلان أي أرقام حول مستهدفات تنفيذ صفقات بيع بقيمة ملياري دولار قبل نهاية الشهر الماضي، وهي الأرقام التي أرجأت الحكومة إعلانها مع أحاديث متكررة عن عرقلة صفقات عدة، وتساؤلات عن سياسات البنك المركزي المالية في ظلّ طبع كميات كبيرة من الجنيه المصري في الأسابيع الماضية.