بغداد | في 19 تموز الحالي، فرضت واشنطن عقوبات عن طريق وزارة الخزانة وبنك الاحتياطي الفدرالي عقوبات على أربعة عشر مصرفاً عراقياً، في إطار حملة لتقييد التعاملات مع إيران بالدولار. وتداولت وسائل إعلام محلية أسماء المصارف التي شملتها العقوبات، وهي: «المستشار الإسلامي للاستثمار والتمويل»، و«القرطاس الإسلامي للاستثمار والتمويل»، و«الطيف الإسلامي»، و«إيلاف»، و«أربيل للاستثمار والتمويل»، و«الإسلامي الدولي»، و«عبر العراق»، و«الموصل للتنمية والاستثمار»، و«الراجح»، و«سومر التجاري»، و«الثقة الدولي الإسلامي»، و«أور الإسلامي»، و«العالم الإسلامي للاستثمار والتمويل»، و«زين العراق الإسلامي للاستثمار والتمويل». وفي تشرين الثاني الماضي، كانت وزارة الخزانة الأميركية قد فرضت عقوبات على أربعة بنوك عراقية، هي: «الأنصاري»، و«الشرق الأوسط»، و«القابض»، و«آسيا»، وذلك بالتعاون مع البنك المركزي العراقي لفرض ضوابط أكثر صرامة على التحويلات المالية في البلاد بشكل عام.وغداة قرار العقوبات الجديدة، قلّل البنك المركزي العراقي من تأثيرها، في حين عزا انخفاض الدينار إلى قيام بعض التجار بالسحب من السوق السوداء. لكن اللجنة المالية النيابية، أشارت إلى أنه ستكون للعقوبات نتائج سلبية على الوضع الاقتصادي والمالي في العراق، إلى جانب تأثيرها على سعر الصرف الذي تعاني منه البلاد منذ ثلاث سنوات. ودعت، في بيان، الجهات الحكومية إلى تكثيف الرقابة على عمل المصارف الأهلية لمنع أيّ تعاملات خارج الأطر المسموح بها من قِبل البنك المركزي، ولتفادي أيّ عقوبات أميركية جديدة على مصارف أخرى، قد تؤدي إلى تأثير أكبر وأخطر على الوضع الاقتصادي والمالي. واستغلّت مصارف وشركات صرافة التقلّب في أسعار الصرف بشكل غير شرعي، لتحقيق أرباح ضخمة، باستخدام عمليات احتيالية كغسيل الأموال والتهريب إلى دول مجاورة، أو بيعه في السوق السوداء، ما دفع البنك المركزي العراقي، في شباط الماضي، إلى رفع قيمة الدينار أمام الدولار بنسبة 10 %، للحدّ من تهاوي العملة المحلية، فضلاً عن فرض قيود أكثر صرامة بشأن تنظيم التحويلات المالية إلى خارج العراق. واعتُمد، آنذاك، 1300 دينار مقابل الدولار الواحد كسعر رسمي، وهو ما كان له أثر واضح في سوق الصرف حينها بخفض الأسعار التي وصلت إلى مستوى 1700 دينار في السوق الموازية.
تتواصل الحملة الأميركية لتقييد التعاملات مع إيران بالدولار


وعلى خلفية ذلك، أفادت مصادر نيابية بأن البرلمان يعتزم استضافة وزيرة المالية، ومحافظ البنك المركزي، ومدير مصرف كلٍّ من «الرشيد» و«الرافدين»، خلال الأسبوع المقبل، لمناقشة الأزمات الاقتصادية والمالية، وارتفاع الدولار. وتقول عضو اللجنة المالية النيابية، نرمين معروف، لـ«الأخبار»، إن «حظر التعامل بالدولار على المصارف ليس أمراً جديداً، خاصة وأنه تم الإفصاح مسبقاً عن الإجراءات التي يجب الالتزام بها للتعامل بالعملة الأجنبية في العراق، وكذلك مع إيران التي تخضع لعقوبات أميركية منذ سنوات». وحول التأثير على سوق الصرف، ترى معروف أن «ما حدث مجرّد ردّ فعل للسوق وتوقعات المتشائمين، وليس له علاقة بإجراءات عرض الدولار. فجميع الإجراءات التي كانت متّبعة من قِبل البنك المركزي في آلية بيع الدولار مستمرة»، مضيفة أنه «بالنسبة إلى الدولة العراقية والمصارف الحكومية، فهي ملتزمة، فيما المصارف التي تعرّضت للعقوبات هي مصارف أهلية ولم تلتزم بالإجراءات. وحسب معلوماتنا، فإن هذه المصارف كان لها تعامل مع إيران، سابقاً وليس حاضراً».
بدوره، يقول مسؤول في أحد المصارف المشمولة بالعقوبات، لـ«الأخبار»، طالباً عدم ذكر اسمه، إنّ «إدراجنا على لائحة العقوبات الأميركية، لا يؤثر على عملنا، ونستطيع بالتضافر مع المصارف الأخرى التي أُدرجت على لائحة العقوبات، إغراق السوق بالدولار، وبالتالي يبقى السعر المهيمن هو الموازي». ويوضح «أننا كإدارة مصرف نعلم بالعقوبات منذ فترة، وجاءنا إشعار بمنع تعاملاتنا بالدولار وتحويلها إلى الخارج، لكنها لم تهمنا، بسبب تعاملاتنا الداخلية من خلال شراكات الصرافة وفروعنا في كلّ محافظات العراق". ويتابع المسؤول أن «المصارف التي تمّ حرمانها من الدولار، بكل تأكيد تبقى تعمل بالعملة المحلية، فضلاً عن تعاملاتها اليومية المعروفة». ويرى أن «العقوبات لم تكن مهنية بشأن المصارف المتورّطة في غسيل الأموال وتهريبها، لأن هناك طرق احتيال كارثية في السوق العراقية».
وفي المقابل، ترى النائبة عن «ائتلاف دولة القانون»، ضحى القصير، أن «السياسة الأميركية تهدف إلى جلد الشعوب، وحرمانها من الاستقرار الاقتصادي، وإفشال الحكومات التي تسعى لتحقيق الرفاهية الاقتصادية لمواطنيها». وتعتبر، في تصريح إلى «الأخبار»، أن «العقوبات الأميركية، هي استهداف للاقتصاد العراقي، وتتعامل بها واشنطن لغرض الحصول على مصالحها في العراق»، مضيفة أن «أزمة الدولار بالأساس سببها أميركا بحجة تهريبه إلى إيران وغيرها من الدول». وتدعو القصير «البنك المركزي العراقي إلى اتخاذ خطوات لمعالجة الأزمة، ولا سيما أن الفقير يعاني من ارتفاع سعر الصرف، بسبب المضاربين بالعملة والمسيطرين على السوق واستيلائهم على البنوك والشركات المصرفية في البلاد».
أما أستاذ الاقتصاد، عبد الرحمن المشهداني، فيرى أن «العقوبات الأميركية على البنوك ستؤثر بشكل كبير على السوق العراقية وتسهم في ارتفاع سعر صرف الدولار في البلاد. والدليل عندما فرضت الولايات المتحدة عقوباتها على أربعة مصارف في وقت سابق، تمت ملاحظة ارتفاع في أسعار الصرف». ويقول المشهداني، لـ«الأخبار»، إن «المصارف المشمولة بالعقوبات، لها أهمية في السوق العراقية، لكن بنسب متفاوتة، مع أن أغلبها لديها مبالغ ضخمة من التحويلات المالية بالعملات الأجنبية».