القاهرة | يواصل النظام المصري البحث عن مزيد من الإيرادات بالدولار والعملات الأجنبية، وهو ما وجد إليه باباً جديداً، عبر إجبار الطلاب الراغبين في استكمال دراستهم في الخارج على دفع بدلٍ لإعفائهم من الخدمة الإجبارية. يأتي ذلك ضمن سلسلة خطوات تستهدف تقليص عجز الموازنة، ومعالجة النقص الحادّ في العملات الأجنبية، في ظلّ تأخّر عمليات بيع عدد من الشركات للصناديق السيادية العربية، ولا سيما السعودية والقطرية. وعليه، سيضطرّ أيّ طالب راغب في استكمال دراسته في الخارج، إلى دفع بدل يقدَّر بنحو ربع مليون جنيه، مقابل الحصول على حرّية الخروج من البلاد والدخول إليها، من دون انتظار الموافقات التي تعرقل عادةً بعثات السفر الطلابية. والجدير ذكره، هنا، أن القانون المصري ينصّ على عدم السماح لطلاب الجامعات في السنة النهائية، بالسفر إلى الخارج من دون تسوية مسألة التجنيد الإلزامي. وفي حال وجود بعثة في الخارج، يكون هناك سماح استثنائي بالسفر لمدّة محدّدة، فيما المشكلة تحدث عادةً لآلاف الطلاب لدى انتهاء بعثتهم أو رغبتهم في تجديد جواز السفر في الخارج خلال فترة الإقامة، من دون الاضطرار للعودة إلى البلاد، وهو أمر كان يضع العديد من الطلاب في مواقف صعبة تستنزف أموالهم ووقتهم وتحرم الكثيرين منهم من فرص استكمال دراستهم.لكن النظام المصري، بدلاً من البحث عن حلٍّ لتلك العوائق، فضّل اللجوء إلى جني الأموال بالعملة الصعبة من الطلاب، عبر تسوية وضعهم التجنيدي في مقابل دفع 5 آلاف يورو/ دولار (بحسب الدولة التي يعيشون فيها)، محدّداً لهم مدّة شهر اعتباراً من منتصف آب حتى منتصف أيلول، لتسوية أوضاعهم. واشترطت الدولة على المغتربين الراغبين في تسوية أوضاعهم للعودة إلى البلاد بشكل طبيعي أو تجديد جوازات السفر الخاصة بهم والتي انتهت صلاحيتها في أماكن اغترابهم، تحويل الأموال بالعملة الأجنبية من بنوك غير مصرية إلى فرع «بنك مصر» في أبو ظبي خلال المهلة المحدّدة بعد تسجيل الأسماء. وتتشارك وزارتا الخارجية والدولة للهجرة، بالتنسيق مع القوات المسلّحة، في الخطوة التي تستهدف جمْع ما يقارب نصف مليار دولار، بحسب إحصاءات أولية، ولا سيما مع وجود عشرات الآلاف من الذين يواجهون هذه المشكلة، فضلاً عن التشدّد في منح التصاريح الاستثنائية خلال الفترة المقبلة، من أجل دفع الشباب إلى التوجّه نحو تسوية أوضاعهم القانونية بسداد الأموال. وبحسب مصادر مطلّعة، تحدّثت إلى «الأخبار»، فقد صدرت تعليمات بإيقاف أيّ عمليات تجديد لجوازات السفر من دون تسوية موقف صاحب العلاقة من الخدمة الإجبارية، وهو ما سيجعل آلاف الطلاب المغتربين مضطرّين لسداد المبلغ في أقرب وقت، وخاصة أن الدول الأوروبية لا تتعامل بجوازات السفر المنتهية الصلاحية لدى منح الإقامات. ومع صلاحية جواز السفر المصري لسبع سنوات، سيكون الطالب مطالَباً بتسوية موقفه قبل الوصول إلى سنّ الثلاثين.
صدرت تعليمات بإيقاف أيّ عمليات تجديد لجوازات السفر من دون تسوية موقف صاحب العلاقة من الخدمة الإجبارية


وتقول الحكومة إن الهدف من هذه الإجراءات حلّ مشكلة تواجه عشرات آلاف المصريين في الخارج، مع شمول مَن هم دون الثلاثين أو أكبر، وهو ما يعني تسهيل تسوية أوضاع مَن تجاوزوا السن القانونية، والتي كانت تستغرق أشهراً في مصر، لكن الواقع يقول إن العامل الأهمّ في ذلك هو البحث عن العملة الصعبة في جيوب مَن هم في الخارج. أيضاً، وسّعت الحكومة دائرة من يمكنهم الحصول على الإعفاء لتشمل المسافرين للعمل أيضاً، وهي خطوة ستفتح الباب أمام أبناء الأثرياء للحصول على إذن بالسفر وتسوية أوضاعهم في الخارج قبل العودة مجدّداً إلى البلاد بعد سدادهم الأموال. وبينما لم تتّضح تفاصيل القرار الذي أُعلن بشكل مفاجئ الأسبوع الماضي، يبدو أن فترة الشهر المحدّدة لتسجيل البيانات وطلب الحصول على الإعفاء ستمدّد على الأرجح حتى تُتاح فرصة أطول للسداد، فيما سيجري التشديد على السفارات المصرية في الخارج لناحية ضرورة الحصول على أوراق أصلية من الراغبين في تجديد جوازات سفرهم. وليس هناك، إلى الآن، معلومات عن الضوابط المنظّمة للقرار في ظلّ وجود عشرات آلاف الأسماء التي يمكنها تسوية موقفها. لكن يبقى السؤال عن مدى قدرة هؤلاء على سداد المبلغ المطلوب لضمان الدخول والخروج من البلاد وإليها من دون عوائق وفي أيّ وقت.