خلال الأشهر الثلاثة الماضية، تعثّر «الاتئلاف» في دفع المستحقات الماليّة لموظفيه
وظهرت هذه الممانعة، بشكل واضح، خلال زيارة أجراها المسلط لأعزاز مطلع العام الحالي، حيث تعرّض للضرب من قِبل محتجّين حاصروا سيارته، ورفعوا شعارات مناهضة لـ«الائتلاف». وكانت هذه الحادثة الثالثة من نوعها التي يتعرّض لها المسلط، بعد أخرى خلال محاولات سابقة لزيارة مناطق خاضعة لسيطرة الفصائل في الشمال السوري. وأتى ذلك على رغم مساعٍ عديدة سابقة لـ«الائتلاف» لتسويق نفسه في تلك المناطق، عبر الإعلان عمّا سمّاه «خطّة الإصلاح والتوسعة»، والتي ضمّ من خلالها ممثّلين عن هيئات محلية، وحجّم دور بعض الجماعات المرفوضة شعبياً. إلّا أن هذه الإجراءات لم تقابَل بأيّ ردود فعل مرحّبة، ما ساهم في تعميق الهوّة بين «الائتلاف» الذي يمثل الواجهة السياسية للمعارضة، ومناطق انتشار الفصائل المتناحرة في ما بينها على النفوذ.
وإلى جانب الأزمة المالية، وحالة الرفض الشعبي التي يعانيها «الائتلاف»، جاءت ضبابية الموقف التركي منه، في ظلّ انشغال أنقرة بملفّات داخلية عديدة، بينها تداعيات الزلزال الذي ضرب مناطق في تركيا وسوريا، والانتخابات الرئاسية والبلدية، والتغييرات المتواصلة في السياسة التركية الداخلية والخارجية، بالإضافة إلى ملفّ التطبيع مع دمشق، لتزيد من حالة الشتات التي يعيشها التشكيل المعارض. ولم يتلقّ «الائتلاف»، حتى الآن، أيّ توصيات واضحة حول الأسماء المرشّحة لقيادته، في وقت اشتعلت فيه صراعات داخلية بين مكوّناته ذات الارتباطات الخارجية المختلفة، ما دفع إلى تأجيل الانتخابات إلى أن يتّضح الموقف التركي الحاسم في هذا الشأن. يأتي ذلك وسط مخاوف متزايدة من أن يؤدّي الانفتاح المتوقّع بين تركيا وسوريا إلى زيادة الضغوط على «الائتلاف»، أو حتى إنهاء وجوده في ظلّ وجود هيئة معارضة أخرى يُنظر إليها على أنها أكثر شمولية (هيئة التفاوض)، ويمكن أن تتولّى تمثيل المعارضة في مسار الحلّ الأممي المجمَّد حالياً (اللجنة الدستورية)، علماً أن «الهيئة» قامت بدورها بإعادة انتخاب بدر جاموس رئيساً لها قبل أيام، خلال اجتماع فيزيائي وافتراضي تمّ عقده في منطقة الراعي الحدودية مع تركيا، والخاضعة لسيطرة الفصائل في الشمال السوري.
وبالرغم من إعادة انتخاب جاموس، تشكّك مصادر معارضة في فاعلية «الهيئة»، في ظلّ تعثّر المسار الأممي في الوقت الحالي من جهة، وبسبب وجود بعض الخلافات الداخلية بين مكوّناتها، من جهة أخرى. إذ تضمّ «هيئة التفاوض» في صفوفها «هيئة التنسيق» التي تنشط من دمشق، والتي تبذل، من جهتها، جهوداً حثيثة للخروج بصيغة توافقية مع «قسد» قد تفتح الباب أمام الأكراد للدخول، لأوّل مرّة، إلى مسار الحلّ السياسي الذي تم إبعادهم عنه. لكن هذه الجهود لا تلقى قبولاً من تشكيلات أخرى، أخذاً في الاعتبار موقف تركيا من «قسد»، وهو ما ينذر بخلافات عميقة قد تعيشها «الهيئة» خلال الفترة المقبلة، علماً أن نشاطها مقتصر راهناً على إجراء لقاءات روتينية بين وقت وآخر مع ممثّلي بعض الدول النشطة في الملف السوري.