القاهرة | أثار إجبار أجهزة الأمن المصرية المواقع الإلكترونية المملوكة لها بشكل خاص، على حذف تفاصيل خبر توقيف طائرة خاصة وجدت في مطار زامبيا وعلى متنها أكثر من 5 ملايين دولار، إلى جانب سبائك ذهبية مزيّفة، جدلاً كبيراً في مصر، فيما لم تَصدر أي رواية رسمية حول الحادثة، باستثناء خبر مقتضب نشر عبر وكالة الأنباء الرسمية. وجاء في هذا الخبر أن الطائرة الخاصة توقفت في مطار القاهرة (ترانزيت) لنحو 12 ساعة، قبل أن تتوقف مجدداً في الكونغو، في رحلتها إلى زامبيا بعدما انطلقت من الأردن. أما الخبر الرئيس الذي أوردته أولاً شبكة «سكاي نيوز العربية» بإسهاب، فقد حُذِف بسرعة من جميع المواقع الإخبارية المصرية بناءً على طلب الأجهزة الأمنية التي لم توضح ملابسات قضية الطائرة التي كان على متنها 6 مصريين، وكانت تضمّ 5 ملايين و698 ألف دولار في حقائب وصناديق، بالإضافة إلى 602 قطعة ذهبية تزن حوالي 127 كيلوغراماً، تبيّن لاحقاً أنها مطليّة بالذهب وليست سبائك ذهبية كما جرى الاعتقاد عند ضبطها.وبحسب السلطات في زامبيا، فإن عملية توقيف الطائرة وضبط ما تحمله من أموال وسبائك وأسلحة جرى بناءً على بلاغ مسبق للسلطات حول ما تضمّه من مواد مخالفة لم يُبلّغ عنها، من دون تحديد الجهة المبلّغة، الأمر الذي أثار تكهّنات حول وجود تفاصيل مسبقة لدى السلطات الإماراتية التي كان إعلامها أول من نشر الخبر. أما في مصر، فتعدّدت الروايات حول ملكية الطائرة غير المسجّلة في مصر، والتي تُديرها شركة أجنبية تتّخذ من دولة أوروبية مقراً لها. وفي خضمّ الجدل المصاحب للحادثة، نُشِرت تسريبات تقول إن هذا الطراز من الطائرات الخاصة لا يملكه أيّ مصري سوى رجل الأعمال، محمد أبو العينين، وهو نائب رئيس البرلمان الذي التزم الصمت حول هذه الأنباء.
يتواتر الحديث حول نشوء تسوية مصرية مع زامبيا، عبر التخلّي عن الطائرة ومضبوطاتها مقابل إغلاق الملف


وفاقم التصريح الرسمي الوحيد حول الواقعة، والذي ذكّر بعدم إجراء أيّ أعمال تفتيش على الطائرات التي تهبط في المطار من أجل الترانزيت والتزود بالوقود، من الغموض حولها، بغياب الكشف عن هوية مالك الطائرة، على الرغم من ثبوت استخدامها الدولة المصرية لها عدة مرات سابقاً. وأظهرت بيانات الملاحة لتحرك الطائرة، في الشهور الماضية، استخدام وزير الداخلية، محمود توفيق، لها في رحلة إلى تونس، للمشاركة في اجتماع وزراء الخارجية العرب في شهر آذار الماضي، بالإضافة إلى استخدام مدير المخابرات العامة، اللواء عباس كامل، لها في رحلات عدة، ووجودها في مطار العلمين وتحرّكها عدّة مرات بين القاهرة والرياض وأبو ظبي.
وعلى رغم أن الأجهزة الأمنية المصرية عادةً ما تستأجر طائرات خاصة للمسؤولين من أجل متابعة مَهامهم الخارجية - سواء المفاجئة أو تلك المخصّصة لحضور اجتماعات في عواصم تفتقر إلى وجود طيران مباشر إليها، أو تتطلّب زيارتها وجود وفد مرافق تضمّ عدداً كبيراً -، إلا أن هذا الأمر يتم بشكل منظّم، من خلال قنوات خاصة، مع الشركات التي تبرم معها هذه النوعية من التعاقدات وتحظى بميّزات استثنائية لتأمين السلامة والسرية. وبحسب بيانات غير رسمية، فإن من بين المضبوطين على متن الطائرة، عسكرياً سابقاً عمل في السفارة المصرية في واشنطن لفترة، بالإضافة إلى رجل أعمال يعمل مستشاراً عسكرياً مع عدة جهات وهيئات حكومية، وشريك في معرض صناعات الدفاعات العسكرية الذي ينظّمه الجيش، فضلاً عن مالكٍ لمحالّ ذهب لديه ارتباطات مع الحكومة.
وبينما لم يجرِ نفي كل ما تقدّم أو تأكيده من جانب السلطات المصرية حتى الآن، يتواتر الحديث حول نشوء تسوية مصرية مع زامبيا، بشأن الحادثة، لتجنّب الدخول في أزمة أكبر، عبر التخلّي عن الطائرة، وما ضُبِط في داخلها لسلطات زامبيا، في مقابل إغلاق الملف. وما يدعم الاعتقاد بصحة هذه التسوية هو إعلان السلطات في لوساكا أن السبائك التي ضبطت ليست ذهبية، إلى جانب تكتّمها على التفاصيل حول الطائرة والموقوفين المصريين، وسط غياب دور السفارة المصرية في زامبيا - العلني - إزاء هؤلاء. وإلى حين تبيان الحقيقة، ستشكّل هذه الحادثة إحدى الأزمات التي تُطرح بشأنها تساؤلات بلا أجوبة حاسمة من جانب السلطات المصرية.