غزة | في منتصف الشهر الجاري، دعت الفصائل الفلسطينية وممثّلون عن مؤسّسات المجتمع المدني ووجهاء العشائر والمخاتير، إلى إجراء انتخابات للمجالس والهيئات المحلّية في قطاع غزة، لم تُعقد منذ 18 عاماً. ويوم أمس، أكد مسؤول «لجنة متابعة العمل الحكومي» في القطاع، عصام الدعليس، «(أننا) ذاهبون إلى عقد انتخابات المجالس البلدية»، داعياً رئيس «لجنة الانتخابات المركزية» إلى زيارة غزة. وفيما باركت الفصائل التوجّه إلى عقد الانتخابات، وبدأت حركة «فتح» بالفعل استعداداتها لها، لم تردّ السلطة الفلسطينية في رام الله على المطلب الفصائلي والعشائري. ومنذ عقد الانتخابات البلدية في عام 2005، ثمّ الانقسام الفلسطيني في عام 2007، تعطّلت العملية الديموقراطية المنوط بها إنتاج 25 مجلساً بلدياً في القطاع، موزّعة على 5 محافظات، فيما تولّت حركة «حماس» تعيين رؤساء المجالس البلدية بالتزكية.لكن عضو لجنة الانتخابات المركزية، ياسر موسى، قال إن «إجراء انتخابات المجالس المحلّية بحاجة إلى قرار سياسي من الحكومة الفلسطينية في رام الله، تكلِّف بموجبه لجنة الانتخابات المركزية القيام بدورها»، مستنتجاً أن «القرار السياسي هو العائق الوحيد أمام» إتمام الاستحقاق. ورأى أن «عقد انتخابات في غزة بشكل منفصل، أمر وارد أيضاً، وخصوصاً أن الضفة الغربية عقدت انتخابات بلدية في العام الماضي، بشكل مستقلّ عن القطاع». وكانت «اللجنة العليا للانتخابات المحلّية» قد أجرت أوّل انتخابات محلّية على 4 مراحل بين عامَي 2004 و2005، في 262 هيئة محلّية في الضفة وغزة. وفي تموز 2012، أصدر مجلس الوزراء الفلسطيني قراراً يدعو إلى إجراء انتخابات مجالس الهيئات المحلية في مناطق السيطرة الفلسطينية (الضفة الغربية وقطاع غزة)، لكنها أُجريت في الضفة وفشِل تنظيمها في غزة بعدما حال الانقسام السياسي دون ذلك. كما شهدت معظم مجالس بلديات الضفة انتخابات محلّية في 2017 و2021 و2022، فيما تعذَّر إجراؤها في القطاع أيضاً.
إجراء انتخابات المجالس المحلّية بحاجة إلى قرار سياسي من الحكومة الفلسطينية في رام الله


ويرى الكاتب والمحلّل السياسي، أيمن الرفاتي، أن دعوة حركة «حماس» ومؤسّسات المجتمع المدني إلى إجراء الانتخابات المحلّية، دافعه العبء الكبير الذي أضحت تشكّله البلديات على «لجنة متابعة العمل الحكومي»، بالنظر إلى أن قدرة المجالس البلدية على استجلاب الدعم الخارجي ومشاريع البنى التحتية مقيّدة، بدعوى أن شخصيات «حماس» تسيطر عليها. ويلفت الرفاتي، في حديثه إلى «الأخبار»، إلى أن «سنوات الحصار شهدت شحّاً كبيراً في إدخال المعدّات اللازمة لعمل البلديات، وخاصة الآليات الثقيلة اللازمة لعمل البنى التحتية، وقد ظهر جلياً بعد عدوان 2021 حجم الدمار الكبير في إمدادات شبكات المياه والصرف الصحي ومحطات المعالجة وغيرها، والذي زاد من تعقيدات عمل المجالس المحلّية».
وكان سلامة معروف، وهو رئيس المكتب الإعلامي الحكومي، قد قدّر الأضرار التي لحقت بالبنى التحتية جراء الحروب الإسرائيلية على القطاع، بنحو 70 مليون دولار، معتبراً، في تصريحات صحافية، أن «من شأن الانتخابات أن ترفع فيتو الجهات الدولية في التعامل مع المجالس المحلية في القطاع، على اعتبار أنها مجالس منتخَبة بشكل ديموقراطي، ولا ذريعة للتضييق عليها». لكن المحلّل السياسي، مصطفى إبراهيم، يعتقد أن فرص عقد الانتخابات ليست كبيرة، مشيراً إلى أنه «حتى هذه اللحظة، لم تقدّم السلطة في رام الله أيّ ردّ على المقترح الفصائلي، ولا يبدو أنها في وارد الردّ، وخصوصاً أنها عقدت العام الماضي انتخابات داخلية، ودعت إلى عقدها في غزة». ويرى إبراهيم، في تصريح إلى «الأخبار»، أن «هذه الانتخابات ليست سياسية، ولا تعطي شرعية لأحد ولا تنزعها عن أحد، ولن تكون مقدّمة لإنهاء الانقسام إن هي تمّت، لكنها تخفّف العبء الشعبي عن حركة حماس في إدارة شؤون البلديات، وهذا بيت القصيد الذي من شأنه أن يعطّل إجراءها». ويتفق الرفاتي مع رأي إبراهيم، إذ يعدّ الانتخابات «محاولة للالتفاف على الحصار المفروض على القطاع، علماً أن هناك مجموعة من العقبات القانونية التي يمكن إشهارها في وجه من سيرشّح نفسه، كما جرى في عام 2015».