القاهرة | تُعدّ موافقة "بريكس" على انضمام مصر، إلى جانب كلّ من السعودية والإمارات وإثيوبيا والأرجنتين وإيران، إليها، خلال قمّة المجموعة التي عُقدت في جنوب أفريقيا، الأسبوع الماضي، خطوة متوقّعة، كونها أعقبت مفاوضات مكثّفة بين القاهرة والدول الأعضاء في التكتُّل، والموافقة على انضمامها إلى "بنك التنمية" التابع للمجموعة. وعلى رغم الاحتفاء بالخطوة على المستوى الرسمي، إلّا أن الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، الذي أَوفد رئيس حكومته، مصطفى مدبولي، ممثّلاً عنه، لم يتمكّن من حضور القمّة، نظراً إلى أنه مطلوب للقضاء الجنوب أفريقي على خلفية دوره في فضّ اعتصام "رابعة" في عام 2013، عندما كان وزيراً للدفاع.ومع أن الموافقة على انضمام مصر، اعتباراً من عام 2024، إلى "بريكس"، تُعدّ حدثاً ذا أهمية بالغة، إلّا أن بعض الأصوات تتوقّف عند ما قد يرافقه من "سلبيات"، أولاها، بحسب هؤلاء؛ أن سياسة التعامل بالعملات المحلّية، حتى وإنْ بدا ظاهرها مفيداً للقاهرة، إلّا أنها تستبطن خسائر دولارية، ربّما تكون أكبر ممّا سيتمّ تعويضه نتيجةً للتبادل التجاري بين الدول الأعضاء بالعملات المحلّية. ويصوّر الإعلام المصري عمليّة الانضمام برمّتها، على أنها "وسيلة للهرب نحو التبادل بالعملات المحلّية" مع مختلف دول المجموعة، بما يسمح بتقوية العملة المصرية المحدَّدة اليوم بسعرَين. وسيتبع قبول مصر التبادل بالعملات المحلّية بينها وبين دول "بريكس"، بشكل شبه تلقائي، موافقتها على دفع هذه الدول رسوم عبور السفن الخاصة بها "قناة السويس" بالعملات المحلّية بدلاً من الدولار، وهو أمر سيكون له أثر سلبي على عائدات القناة التي تُعدّ من أهمّ مصادر النقد الأجنبي، كما يقول منتقدو الانضمام.
وبعيداً من نسب التبادل التجاري بين مصر ودول "بريكس" التي زادت بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، ورغبة القاهرة في تأمين واردتها من الحبوب عبر روسيا والهند بشكل خاص، فإن القاهرة ستسعى، خلال الفترة المقبلة، إلى الحصول على قروض من "بنك التنمية" التابع للمجموعة، والذي تعوّل عليه للاقتراض من جديد، بهدف تسديد جزء من القروض المتراكمة عليها لمصلحة "صندوق النقد الدولي" والدول الأوروبية، ما يعني أن قرضاً جديداً سيضاف إلى قوائم الاقتراض التي وصلت بتكلفة خدمة الدين وسداده إلى أكثر من 40% من موازنة الدولة. ولا تستطيع القاهرة التعامل انتقائياً مع دول "بريكس"؛ فما ينطبق على الإمارات وجنوب أفريقيا، سينطبق أيضاً على الأرجنتين وإيران. وبالتالي، فإن سوق اتفاقات المقايضة، إذا جرت الموافقة عليها بما يشمل رسوم عبور "قناة السويس"، سيفرض عليها تحدّياً إضافياً يجعل هذا الأمر قيد الدراسة مصريّاً، وإن بدا أكيداً أن التبادل بالعملات المحلّية بشكل جزئي يحمل ميزة إيجابية على المدى الطويل.
على أي حال، وعلى رغم أن الشراكة التي تؤسّس لها عضوية مصر في "بريكس"، تنسجم مع تطلعات أطراف عديدة، بما فيها القاهرة، إلى نظام اقتصادي عالمي يكسر هيمنة المؤسّسات المدعومة أوروبيّاً وأميركيّاً، إلا أن أمام تحقّق الآمال المرجوّة منها في الحالة المصرية طريقاً غير قصيرة، وخاصّة في ظلّ انخراط مصر اقتصادياً مع الدول الأوروبية والولايات المتحدة. تضاف إلى ما تقدّم، الخلافات بين بعض دول "بريكس" نفسها، كما هي الحال بين الصين والهند، والتي تفرض تحدّيات عديدة على أعضاء المجموعة كافة، بمن فيهم مصر.