الخرطوم | كعادتهما، حمّل كلّ من الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع»، الآخر، مسؤولية القصف الجوي الذي استهدف سوق قورو في منطقة مايو جنوب الخرطوم، أوّل من أمس، والذي لقي أكثر من 50 سودانياً مصرعهم على إثره، فيما أصيب أكثر من 130 آخرين بجروح، فضلاً عن نزوح مئات العائلات. وجاء القصف الذي استهدف جنوب العاصمة السودانية بعد نحو أسبوع على غارة جوية استهدفت جنوب الخرطوم أيضاً، في 2 أيلول، وأسفرت عن مقتل 20 مدنياً على الأقل، في ظلّ اتهامات للجيش بالقصف العشوائي المتكرر للمناطق السكنية التي يتمركز فيها مقاتلو «الدعم». وبينما سارعت هذه الأخيرة إلى اتهام الجيش بشنّ «غارات جوية ضد المدنيين في جنوب الخرطوم»، قال «مرصد النزاع» في السودان، والذي تدعمه الولايات المتحدة، إن التمركز في أحياء ومبانٍ يسكنها مدنيون يمثل «انتهاكاً محتملاً لاتفاقيات جنيف»، مشيراً إلى أن القوات المسلحة السودانية «ستظل مطالَبةً بضمان تقليل الضرر الذي يلحق بالمدنيين إلى الحد الأدنى، بغضّ النظر عما إن كان الهدف قد أصبح هدفاً عسكرياً مشروعاً».
وبعدما نفى الجيش، رسمياً، تورّطه في الحادثة، ادّعى المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة، العميد نبيل عبدالله، أن «جميع ضربات الجيش تستهدف تجمعات قوات الدعم السريع المتمرّدة، سواء كانت في الخرطوم أو بقية الولايات». وقال عبدالله، في تصريح إلى «الأخبار»، إنه «لا يمكن للقوات المسلحة أن توجّه سلاحها ضدّ المواطنين، وهذا سلوك الميليشيا منذ بداية الحرب في نيسان الماضي». وأضاف أن «الشعب السوداني أصبح مدركاً لانتهاكات الدعم السريع بحق العزل، إضافة إلى عمليات القتل والنهب والاغتصاب»، مستشهداً بـ«جرائم» تلك القوات «في غرب دارفور ومناطق أخرى». وفي المقابل، قال المستشار الإعلامي لقائد «الدعم»، أحمد عابدين، إن «الجيش للمرّة الثالثة يستهدف بالبراميل المتفجّرة المحمولة عبر طيران الأنتنوف، الأسواق». وأشار عابدين، في حديثه إلى «الأخبار»، إلى أن «عدد القتلى من المدنيين جرّاء الغارات الثلاث الأخيرة تجاوز الـ100 قتيل»، لافتاً إلى أنه في «أم درمان قُتل أكثر من ثلاثين مواطناً في غارة واحدة».
من جهته، قال المتحدث الرسمي لـ«غرفة طوارئ جنوب الحزام - أهلية»، محمد عبدالله، في حديث إلى «الأخبار»، «(إنّنا) لا نعرف من هي الجهة التي تقصف المدنيين من طرفي الصراع»، مشيراً إلى «نزوح أعداد كبيرة من المواطنين، خاصة أحياء الأزهري ومايو» بعد القصف، بينما أطلق مستشفى «بشائر» القريب من الحادث نداءً عاجلاً إلى الكوادر الطبية كافة للحضور إلى المستشفى لعلاج المصابين، في ظلّ استمرار تزايد أعدادهم.
في غضون ذلك، أفادت مصادر ميدانية، «الأخبار»، بتجدّد الاشتباكات، صباح أمس، بين «الجيش» و«الدعم السريع» في أم درمان غربي الخرطوم، وفي محيط سلاح المدرّعات في حي الشجرة، والمدينة الرياضية جنوبي الخرطوم. وبينما يقول الجيش إن قواته لا تزال تمتلك المبادرة وتسيطر على سلاح المدرعات، ادّعى عابدين أن «الدعم تسيطر على منطقة الزخيرة، فيما تبقى فقط خارج سيطرتها منطقة الري المصري، وهي منطقة خارج حرم المدرّعات، وبهذا تكون منطقة المدرّعات بكاملها قد سقطت بيد الدعم السريع». ومن جهته، قال عبدالله إن «الجيش نجح في صدّ هجمات الدعم السريع في مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور»، متحدّثاً عن «تكبيد القوات المهاجمة خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد».