لم يمض وقت قليل على صدمة «طوفان الأقصى»، حتى شرع المتطرّفون الإسرائيليون في إرسال رسائل نصيّة تحرّض على قتل فلسطينيّي الـ48، والاعتداء على ممتلكاتهم ومحالّهم التجارية، على غرار ما حدث إبان هبة أيار 2021، في خضمّ معركة «سيف القدس». أما في الداخل الفلسطيني المحتل، فانتشرت رسائل وتعليمات عبر مجموعات «واتساب»، تدعو الفلسطينيين إلى توخّي الحيطة والحذر وعدم التنقّل في المناطق التي من المحتمل مُصادفة المتطرفين الإسرائيليين فيها، وكذلك التنبّه إلى حواجز طيّارة تنصبها الشرطة على مداخل المدن والمستوطنات اليهودية، وعدم الانجرار وراء التحريض، والحذر عند كتابة منشورات تتضمّن تأييداً للمقاومة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لما قد يؤدي إليه ذلك من احتمال اعتقالهم من قبل أجهزة أمن الاحتلال وشرطته.وبالفعل، اعتقلت شرطة الاحتلال والوحدات الخاصة التابعة لها، أمس، الفلسطيني ثائر إغباريّة إثر مداهمة منزله في حي الإغبارية في مدينة أم الفحم، مانعةً إياه من لقاء محامٍ، وذلك على إثر كتابته منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تطرّق فيها إلى الوضع الأمني جنوبي فلسطين المحتلة. بالإضافة إلى ما تقدّم، اعتقلت شرطة الاحتلال، ليل السبت - الأحد، قاصرَيْن فلسطينيَّيْن من مدينة الطيبة في منطقة «المثلث الجنوبي»، بشبهة «إضرام النار وإلقاء الحجارة تجاه دورية للشرطة على مفرق الجسر». وبحسب مصادر «الأخبار»، فإن الشرطة اعتقلت القاصرين بعدما اعتدت عليهما بالضرب، إثر إحراقهما إطارات مطاطية في محاولة لغلق طريق رئيس.
أمّا في مدينة يافا المحتلة، فقد اعتقلت شرطة الاحتلال وأجهزة أمنه أربعة فلسطينيين، على خلفية أمنية مرتبطة بالأحداث الجارية جنوباً، ولم يُعرف بعد مصير هؤلاء؛ إذ اقتيدوا مثل غيرهم إلى جهة غير معلومة ومُنعوا من لقاء محامٍ، كما لم تكشف أجهزة الأمن لذويهم عن خلفية الاعتقال وأسبابها. وفي سياق متصل، اعتدت شرطة الاحتلال على علي عبادي من منطقة جت في «المثلث الشمالي»، قبل اعتقاله واقتياده إلى مركز شرطة باقة، وذلك بعد «ضبطه» مشغّلاً أغنية تمجّد حركة «حماس». كما هاجمت قوات «اليسام» عائلته، واعتدت عليها بالضرب.
وفي وقتٍ لاحق، أصدرت وحدة «ماغين» الخاصة بحراسة الوزراء، تعليمات إلى الأخيرين بعدم الاقتراب من البلدات الفلسطينية في مناطق الـ48، وعدم التنقل عبر طرقات وشوارع «إشكاليّة» قد تشهد احتجاجات وإغلاقاً. وقالت، في بيان، إنه «حتى إشعار آخر، يُمنع الدخول أو الاقتراب من بلدات بدوية (في النقب) وعربية في أنحاء البلاد. كذلك يجب الامتناع عن السفر في شوارع إشكالية مثل وادي عارة».
وفي سياق متصل، قُتل عشرة فلسطينيين في النقب أول من أمس، بفعل سقوط صواريخ أطلقتها المقاومة الفلسطينية، علماً أنه لا تتوفر ملاجئ في غالبية المناطق الفلسطينية في الداخل عموماً وفي النقب خصوصاً. وعلى إثر تدهور الوضع الأمني، أعلنت بلدية مدينة رهط إنشاء غرفة طوارئ، وقال رئيسها، عطا أبو مديغم، إنه «للأسف هناك ضحايا وجرحى ومفقودون»، وناشد «المواطنين عدم الخروج من المدينة إلا للضرورة بسبب حملة تحريض (ضد الفلسطينيين)»، مُعلناً «تعطيل الدراسة في كلّ مؤسسات التربية والتعليم في المدينة، بالإضافة إلى فتح خط هاتفي للطوارئ أمام السكان».
من جهته، قال رئيس المجلس المحلي في جت المثلث، خالد غرة، إنه «وجب علينا الحذر والانتباه، الظرف خطر جداً، والاستفزازات يمكن أن تزيد، لذا وجب الحذر ومن يمكنه عدم الخروج إلى البلدات اليهودية حتى للعمل» فليفعل. وفي أم الفحم، دعت البلدية الفلسطينيين إلى «توخّي الحيطة والحذر والخروج من البيوت فقط لحالات الضرورة القصوى»، وحثّت على «الاستعداد للانتقال إلى أقرب ملجأ أو منطقة آمنة أو محمية في حال الضرورة»، مشيرةً إلى أنها «تعمل على ترتيب استضافة عدد من أهلنا في النقب، فهم بحاجة إلينا وإلى مساندتنا».
ومنذ مساء السبت، أعلن وزير «الأمن القومي» الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، عن «حالة طوارئ مدنية في كلّ أنحاء البلاد من أجل منع اشتعال الأوضاع في مناطق أخرى مثلما حدث في حارس الأسوار (هبة أيار)».