ودّعت الضفة الغربية 15 شهيداً منذ بدء معركة «طوفان الأقصى»، ارتقوا مقبلين غير مدبرين، في مواجهات اندلعت في مناطق متفرّقة من الضفة، إسناداً لقطاع غزة، وتأكيداً لحالة الاشتباك المستمرة، فيما تتواصل محاولات قوات الاحتلال احتواء الاشتباكات. وفي مسعًى لمنع تشكّل أيّ حاضنة جماهيرية شعبية يمكن أن تسهم في تسخين الشارع الفلسطيني وتثوير الجماهير، وكدأبه في كلّ عدوان على القطاع، شنّ جيش العدو حملات مداهمات واعتقالات في الضفة، بما فيها القدس، طاولت عدداً من الفلسطينيين، بينهم قادة في حركة «حماس»، وسط مواجهات مسلّحة واستهداف لقوات الاحتلال بالرصاص والعبوات الناسفة في بعض المناطق. وفي التفاصيل، اعتقل جيش العدو، ليل الأحد - الإثنين، نحو 40 فلسطينياً من الضفة والقدس، حيث جرى تحويلهم إلى التحقيق لدى الأجهزة الأمنية للاحتلال بحجّة المشاركة في أعمال مقاومة. وعُرف من هؤلاء، القيادي في «حماس»، الشيخ حسام حرب، من قرية إسكاكا شرق سلفيت، والشيخ مهند أبو رومي من بلدة العيزرية، والقيادي في «حماس»، عمر دراغمة، من طوباس، والشيخ عبد اللطيف سعادة خاطر، والشيخ مجدي سعادة خاطر من عقربا.إلا أن هذه الاعتقالات والاقتحامات لم تمرّ من دون مواجهات، إذ شهدت مدينة طوباس اشتباكات مسلّحة عنيفة فجر أمس، بعد اكتشاف «كتيبة طوباس» تسلّل قوة إسرائيلية خاصة إلى المدينة حيث تصدّت لها وأفشلت مَهمّتها. وأكّدت الكتيبة، في بيان، أنه «ضمن معركة طوفان الأقصى البطولية، تمكّن مقاتلوها من اكتشاف قوة خاصة، تسلّلت الساعة الرابعة فجر اليوم، وباشروها بإطلاق نار كثيف واشتباك مسلّح»، مضيفةً أن «مقاتليها خاضوا اشتباكات عنيفة مع تعزيزات الاحتلال التي اقتحمت البلدة لسحب القوة الخاصة، عبر كمين محكم على شارع الغور». أمّا الحدث الأكثر «خطورة» بالنسبة إلى الاحتلال، والذي لم تتّضح تفاصيله حتى الآن، وأعلنت سلطات العدو أنها لا تزال تحقّق فيه، فكان تفجير مقاومين طائرة مُسيّرة فوق مستوطنة غرب رام الله، صباح أمس، وهو ما دفع جيش الاحتلال إلى الاستنفار في المنطقة، بينما أكّد موقع «إنقاذ بلا حدود» الإسرائيلي وقوع العملية.
كذلك، تعرّضت الحواجز العسكرية والمستوطنات في الضفة لهجمات عديدة، أبرزها مهاجمة مقاتلي «سرايا القدس» حاجز دوتان العسكري قرب جنين بصليات مباشرة كثيفة من الرصاص. كما شهد حاجز قلنديا القريب من القدس اشتباكاً مسلّحاً استمرّ لساعات، وارتقى على إثره 4 شبان، فيما أصيب آخرون بجروح خطيرة، إذ بعد أن قمعت قوات الاحتلال مسيرة داعمة للمقاومة في قلنديا، اندلعت مواجهات قامت قوات الاحتلال على إثرها باغتيال ثلاثة شبان داخل مركبة، ثمّ دخلت قوة أخرى وأطلقت النار على 3 شبان آخرين، فأصابت 2 منهم بجروح حرجة جداً. وفي الخليل، استشهد شاب، فجر أمس، بعد تنفيذه عملية دهس بجرافة كان يقودها على حاجز عسكري في البلدة القديمة، في حين شهدت مناطق متفرّقة من القدس مواجهات، كان أعنفها على حاجز مخيم شعفاط شمال شرق المدينة المحتلة، وأخرى في بلدة صور باهر، وفي حي الثوري.
بلغت الحصيلة الإجمالية لأعمال المقاومة في الضفة، منذ بدء معركة «طوفان الأقصى»، 314، وذلك في 114 منطقة مواجهة


أيضاً، سُجّلت اشتباكات مسلّحة في أكثر من محور في طولكرم، حيث أعلنت «كتيبة طولكرم» و«كتائب شهداء الأقصى» عن عملية إطلاق نار ومواجهات قرب حاجز «تسانعوز» ضمن معركة «طوفان الأقصى»، بينما شهد مخيم عقبة جبر في أريحا، فجر أمس، معارك عنيفة. كذلك أطلق مقاومون النار تجاه قوة من قوات الاحتلال قرب بلدة جبع جنوب جنين، واندلعت مواجهات عنيفة مع جيش العدو في بلدة بيت أمر شمال الخليل، تخلّلها استهداف للآليات العسكرية بالزجاجات الحارقة بكثافة. كما استهدف مقاومون مستوطنة «بيت إيل» شمال رام الله بعبوة ناسفة، وأطلقوا النار تجاه قوات الاحتلال المتمركزة على حاجز عطارة شمال المحافظة، فيما أطلق آخرون النار تجاهها على حاجز «شافي شمرون» شمال غرب نابلس.
وبلغت الحصيلة الإجمالية لأعمال المقاومة في الضفة، منذ بدء معركة «طوفان الأقصى»، 314، وذلك في 114 منطقة مواجهة، وأسفرت عن 4 إصابات في صفوف الإسرائيليين، فيما كان واضحاً ارتفاع وتيرة عمليات إطلاق النار حيث سُجّلت 84 منها، ومحاولتا دهس ومحاولتا طعن، و8 حوادث تفجير عبوات ناسفة، و25 عملية إلقاء زجاجات حارقة ومفرقعات نارية، و6 عمليات إحراق وتحطيم لمواقع عسكرية، و160 حالة مواجهة وإلقاء حجارة. كما بدا لافتاً تأثير معركة «الطوفان» على مدينة القدس المحتلة، حيث اقتحمت مجموعات صغيرة من المستوطنين، أمس، باحات المسجد الأقصى، وسط إجراءات وتدابير أمنية استثنائية من قوات الاحتلال التي فرضت قيوداً مشدّدة على دخول المصلين المسلمين إلى المسجد، في حين لم يتجاوز عدد المشاركين في الاقتحام 45 مستوطناً.
وترافق ذلك مع انتشار كبير لقوات الاحتلال في البلدة القديمة من القدس، وتدقيق في بطاقات الشبان وتفتيشهم بشكل خاص، في وقت واصل فيه المستوطنون اعتداءاتهم على المواطنين وممتلكاتهم الخاصة بالقرب من تجمّعاتهم الاستيطانية. أيضاً، عزّزت قوات الاحتلال من عمليات إغلاق الطرق الرئيسة في الضفة الغربية، وسط استنفار على الحواجز العسكرية، ومنعت المواطنين من الخروج من المدن والبلدات، في حين ازدادت دعوات المستوطنين إلى التجمّع على أطراف القرى والبلدات الفلسطينية ومهاجمتها وحرقها. وبالفعل، شنّ المستوطنون العديد من الهجمات التي يُتوقع أن تزداد في الأيام المقبلة.
وإزاء هذا الوضع المتفجّر ميدانياً في الضفة، اكتفت السلطة الفلسطينية بإجراء اتصالات سياسية، إذ أجرى الرئيس محمود عباس اتصالات مع كل من وزير الخارجية الأميركي ونظيريْه الفرنسي والمصري، والملك الأردني وأمير قطر، قالت الوكالة الرسمية إنها جميعها جاءت من أجل بحث سبل إنهاء الحرب على غزة، ووقف إطلاق النار، واستعادة الهدوء. ومن هنا، يبدو أن السلطة لا تزال تراهن على خياراتها السياسية نفسها، على رغم ما يجري في القطاع، واستثنائية معركة «طوفان الأقصى»، والتداعيات الإستراتيجية وغير العادية التي ستنجم عنها. فهي من جهة لا تزال تحافظ على «التنسيق الأمني» مع حكومة الاحتلال في كلّ جوانبه، وتحاول قدر الإمكان احتواء أيّ تصعيد يمكن أن يتطور في الضفة. وهو ما يبدو أنه يأتي بتوجيهات من الإدارة الأميركية التي تلقّاها عباس، في بداية المعركة، ضمن خطوات واشنطن الرامية إلى حشد الدعم الدولي والإقليمي لتل أبيب من جهة، ومنع اتساع رقعة التصعيد من جهة أخرى.