منذ اندلاع عملية «طوفان الأقصى»، أفصحت النجمة السورية سوزان نجم الدين عن موقفها الداعم للمقاومة الفلسطينية، من دون أدنى مواربة في ذلك. سرعان ما أعادت تدوير أغنيتها «سلام غزة الأبطال» ونشرتها مجدداً (كلمات والدتها دولة العباس وألحان خالد حيدر، أخرجها صفوان نعمو بمشاركة فنانين سوريين) مع تعليق كتبته على حساباتها الرسمية على السوشال ميديا قالت فيه: «صباح العزّة، والكرامة، وأبطال فلسطين، صباح فجر مجيد وتاريخ جديد» من دون أن تقف عند هذا الحد، بل مع استمرار مراقبتها الحدث أولاً بأول، من دون أن يؤثر ذلك على ما تُنجزه من أعمال درامية للموسم المقبل.

هكذا، بدت نجم الدين خلافاً لكثيرين من زملائها، كمن يحارب حقاً بكلتا يديه عبر ما يملكه من أدوات. بيمناها تسعى وراء رزقها عبر مهنتها الإبداعية وبيسراها تجرّب أن ترفع صوتها لنصرة الحقّ وأهله في غزّة، إذ تصوّر حالياً بطولتها في مسلسل «صديقات» (كتابة أحمد السيد بمشاركة «جودت البيك» وإخراج محمد زهير رجب وبطولة: صباح الجزائري وصفاء سلطان وإمارات رزق ورنا شميس وفايز قزق ورامي الأحمر وروعة السعدي...) بعدما انتهت من تصوير خماسية «إيقاع» (كتابة ريم عثمان معالجة درامية أحمد القصار إخراج إبراهيم قاسم). وفي زحمة الانشغال سافرت الممثلة السورية المعروفة لزيارة عائلتها في أميركا، فإذا بها تفرّغ نفسها لمواكبة ما حدث. فقط أطلّت في فيديو سجّلته خصيصاً بعد مشاركتها في تظاهرة حاشدة أمام الكونغرس الأميركي، تطالب بوقف العدوان الصهيوني على غزة، وتدعم حقّ الفلسطينيين بالاستقلال والسلام.
وقد استثمرت نجمة «نهاية رجل شجاع» (عن رواية حنا مينه لحسن م يوسف ونجدت أنزور) الحدث لتسجّل شريطاً صغيراً مزجت فيه بين مشاركتها ومشاهد حيّة مدمية من فلسطين، ليكون الهم رفع الصوت في مواجهة المجازر، وربما تحفيز الصامتين من غالبية زملائها في الدراما السورية، ومطالبة الجميع بعدم الاكتفاء بالفرجة على الدم المسفوك بإجرام هائل، إذ تقول: «أصواتنا معاً ستشكّل قوة عالية لا يمكن للكون أن يلجمه... قم تحرّك وشارك ولو بصورة أو بكلمة. لا تخافوا إذا لم يقفوا عند حدّهم. سيصل القصف الذي يطال غزة اليوم بيوتنا جميعاً ويهدم أوطاننا». الفيديو انتشر كالنار في الهشيم، ورجّح كفّة سوزان الإنسانية والفنية معاً، إذ كان دليلاً على أنها خلال مشوار طويل، كانت تبني على جوهر صادق يطفح بفطرية مفرطة في تصريحاتها وأحاديثها.
انتشر الفيديو كالنار في الهشيم على مواقع التواصل

وهو ما جعلها عرضة لبعض الهفوات، التي يتصيّدها كثيرون ويعتبرونها خطيئة تستحق بسببها الهجوم اللاذع. لكن اليوم يبدو فعلياً أن كلّ ما تعرّضت له سابقاً من هجوم وآراء سلبية، كان بعضها غير متوازن، لم يثنها يوماً عن الصراحة المطلقة والظهور الإعلامي بأريحية شديدة. هكذا، صارت الممثلة المرموقة تمتاز بإنسانيتها قبل أي شيء آخر، وتعتدّ بأخطائها كما تتباهى بإيجابياتها. وسيدرك من يعرفها عن قرب أن سمتها الظاهرة ترفّعها عن حركات الادعاء والزيف التي تحكم سلوكيات جزء من عالم النجوم. إذ يمكن لها أن تبحث مطوّلاً في احتفال ما عن صديق قديم، لتلقي عليه السلام، متجاوزةً كلّ الطقوس البلاستيكية الواهية، والمظاهر الخادعة والكاذبة. لكنها في المقابل تجرّب ألا تشتغل بمنطق مكثّف ومزدحم، إنما تكتفي بعمل واحد في العام أو كل بضعة أعوام من دون أن تحيد عن شروطها الصارمة ربما، وفق ما يصنّفها المنطق الإنتاجي. وها هي اليوم تكرّس في مواقفها الجريئة فكرة أنها ابنة القضايا الكبرى قولاً وفعلاً، لا مجرّد شعارات فضفاضة بعيدة عن الصدق!